الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

الفصل الأول

الفصل الأول

مهنة التعليم بين المهن الأخرى*
مقدمة:
     يلاحظ أن ثمة خلافاً حول ما إذا كان التعليم مهنة أم حرفة أم أنه لا يزيد عن كونه عملا نصف مهنى ، ومن أجل حسم الخلاف حول هذا القضية ؛ يأتى هذا الفصل للإجابة عن الأسئلة التى تتصل بها مثل : ما مفهوم كل من المهنة والحرفة ؟ وما معايير وشروط المهنة ؟ وإلى أى مدى تنطبق هذه المعايير على التعليم ؟ وما علاقة التعليم بالمهن الأخرى ؟ وما أهم المراحل التاريخية التى مر بها التعليم لكى يصل إلى مستوى التمهين ؟
     كما يرتبط بعلاقة التعليم بالمهن الأخرى . الإجابة عن بعض الأسئلة مثل : ما المكانة التى تحتلها مهنة التعليم على مستويات التقدير والاحترام الاجتماعى ؟ ثم أخيراً ما أهم فئات التصنيف داخل السلم المهنى  التعليمى ؟ وهل ترتفع كل هذه الفئات إلى مستوى المهنيين ؟ وللإجابة عن الأسئلة السابقة جاءت عناصر هذا الفصل على النحوالتالى :
- مفهوم المهنة ومعاييرها وفئاتها.
- التعليم كمهنة .
وفيما يلى تحليل لهذين العنصرين :
أولاً : مفهوم المهنة ومعاييرها وفئاتها:
     ذخر الحديث في مجال الأدبيات والبحوث الخاصة بمهنة التعليم بتحليلات لمفهوم الحرفة والمهنة والفرق بينهما والمعايير والضوابط التى نحكم من خلالها على عمل معين يُكونَّ حرفة أو مهنة ، والملاحظ أن القليل من البحوث والدراسات هي التي تطرقت إلى ما يعرف بفئات التصنيف المهنى ، ومن ثم جاءت محاولاتنا المتواضعة لاستعراض مثل هذه الاصطلاحات والمفاهيم، وما يرتبط بها من شروط وتفسيرات.
أ- مفهوم المهنة ومعاييرها :
     هناك الكثير من الخلط حول معنى كل من الحرفة والمهنة ، فقد يطلق البعض على إحدى الحرف اصطلاح " مهنة " وقد يطلق البعض الأخر على إحدى المهن اصطلاح " حرفة " مع أن هناك فرقاً مميزاً بينهما .
     وقد عُرفتْ الحرفة Trade على أنها عمل صناعى أو فنى يزاوله الفرد ويتطلب لأدائه مؤهلات خاصة تكتسب فقط بعد قضاء عدة سنوات من التعليم النظـرى والعمـلى والخـبرة  كما عرفت بأنها " " الأسلوب العملى البدائى الذى يستند على التقليد فى تعلمه وإنجازه، وهو يتسم بالبساطة وعدم التعقيد" . وهكذا نجد أن الحرفة لا تشترط مستوى ثقافياً بعينه ، ويستطيع أن يقوم بها شخص على مستوى متدن من الثقافة والتعليم ، وغالباً ما تعتمد الحرفة على العمل اليدوى البسيط أو الفكرى البسيط (8 : 33)* .
     أما المهنة Profession فقد عرفت بأنها " أعمال خدمية ، تطبق مجموعة من المعارف على مشكلات يقدرها المجتمع (4) " أو أنها " عبارة عن وظيفة يشغلها الفرد فى أى مجال غير المجالات اليدوية سواء الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو غيرها ، ومن الضرورى أن تكون لدى صاحب المهنة معلومات ومهارات متخصصة فى المجال الذى يقوم بالعمل فيه  (4 : 175) .
     وهكذا تكون المهنة عملاً فى إطار خدمة المجتمع وأهدافه، وليس غرضها مجرد النفع الشخصى لمن يقوم بها ، كما يتطلب هذا العمل قدراً معينا من المعارف والخبرات المتخصصة والتى فى الغالب - لا تأتى إلا بعد إعداد تعليمى عالٍ وطويل وهو مستوى التعليم الجامعى .
     في ضوء ما سبق ، نجد أن هناك فروقاً بين معنى " الحرفة " ومعنى " المهنة " والتى هى فى الأساس فروق في مجال العمل وهدفه ومستوى الإعداد والثقافة وراء هذا العمل ، وقد ظل مركز المهنى فى أغلب الحقب التاريخية أعلى شأنا من مركز الحرفى ،وللتدليل على ذلك أعقد مقارنات بين الأطباء والمهندسين والمحاميين من ناحية وأى حرفى كالنجار أو الحداد أو السباك من ناحية أخرى .
      ومع أهمية التعاريف المختلفة للتمييز بين الحرفة والمهنة فإن هذه التعاريف تركز فى الغالب على نواح جزئية ولا تفصل تماما بين المهن وغيرها من الأعمال . لذلك يتبنى المفكرون  التربويون مثل : سعيد إسماعيل على ، مفهوم الاجتماعيين للمهنة باعتبارها " مجموعة خصائص أو منظومة معايير وهذا (3: 8 - 9) ما يحدونا بالانتقال للحديث عن معايير المهنة وأهم شروطها.
أسفرت الجهود المختلفة لتحديد معايير وشروط المهنة عما يلى (7) :
1- المهنة خدمة عامة ، يكرس أصحابها أنفسهم لخدمة المجتمع والبشرية . وليس لخدمة مصالحهم الذاتية .
2- تتطلب المهنة من أصحابها قدرة فكرية فائقة وبصيرة فنية متميزة .
3- يقضى أعضاء المهنة فترات طويلة نسبيا فى الإعداد للمهن؛ لتعلم المناهج والمبادئ والمعرفة المتخصصة .
4- أن يكون لدى أعضاء المهنة مؤهلات معينة قبل الالتحاق بها ، وأن يكونوا على علم بأحدث التطورات فى تخصصاتهم وذلك عن طريق الاشتراك فى برامج التدريب أثناء الخدمة .
5- تخضع المهنة لتنظيم مهنى قوى لتحديد أهدافها وتحسين خدماتها وضبط ممارسات أصحابها وتحديد حقوقهم ومسئولياتهم كما هو معروف بالنسبة للنقابات.
6- تشترط المهنة وجود أخلاق مهنية أو ما يعرف بميثاق شرف المهنة  وتلزم المهنة أصحابها بهذا الميثاق وتحاسبهم إذا أخلوا به ، وقد يصل الأمر إلى حرمان وعزل من عضوية المهنة، لمن يرتكبون انحرافات كبيرة .
7- توفر المهنة لصاحبها عملا يتسم بالدوام ، وعضوية مستمرة.
8- توفر المهنة إمكانات للترقى والتخصص والاستقلالية.
وكلما توافر لمهنة معينة من المهن كل هذه الشروط أو أغلبها كلما احتفظت بقوتها واتخذت مكانتها المرتفعة فى المجتمع ، والتى تعنى احترام المجتمع وتقديره وارتفاع العائد المادى لأصحاب المهنة .
ومن المعروف أن المهن الطبية والقانونية قد أخذت مكانتها منذ فترة طويلة. ولكن ماذا عن بعض الجماعات التى حاولت أن تنتزع اعترافا بكونهم أصحاب مهن كالمدرسين والممرضين ، والمهندسين ، وغيرهم . وماذا عن غيرها من المهن التى يشارك فيها أنصاف المهنيين ؟
ب - فئات التصنيف المهنى (14) :-
     علاوة على أهمية التصنيف المهنى " عامة " فى مجال التعرف على المستويات المهنية المختلفة فى مجال التعليم وتوصيف مسئوليات أصحاب كل مستوى ، فان للتصنيف المهنى أهمية عظمى تتضح من خلال استخداماته الأخرى ، حيث يخدم التصنيف مجالات تنمية الموارد البشرية كافة وعلى الأخص في المجالات التالية (11 : 17 - 18) :
1- تنسيق البيانات الإحصائية: حيث يساعد التصنيف في  توحيد المسميات المهنية لغة وترميزا مما يسهل مهمة الباحث الإحصائى في جمع البيانات و المعلومات وتنظيمها خاصة فيما يتصل برصد الهياكل المهنية محليا وقطريا ودوليا .
2- تخطيط الموارد البشرية: حيث يعتمد التخطيط فى هذا المجال على ما يتوافر من بيانات إحصائية ومهنية سواء فى مجال العجز أو الفائض ؛ ومن ثم اتخاذ التدابير اللازمة بالتنسيق مع الجهات المهنية الأخرى، لتعليم وتدريب النشء والقوى العاملة .
3- تشغيل القوى العاملة: وذلك بمساعدة مكاتب ومؤسسات التشغيل حيث يوفر التصنيف إمكانية ترميز وتسجيل مهن الباحثين عن عمل ومستوى مهاراتهم وترميز ما يوجد من شواغر.
4- توحيد وتطوير سياسات وبرامج التعليم والتوجيه والتدريب المهنى: حيث أنه فى ضوء توصيف المهن ومهاراتها والفائض والعجز الكمي والنوعي من المهن المختلفة ؛ تتمكن المؤسسات المعنية بالتعليم والتوجيه والتدريب من اتخاذ الإجراءات المناسبة.
5- تحليل وتقييم العمل وتحديد الأجر: حيث أنه من خلال دراسة التوصيف للمهن المختلفة وتحليله ؛ يقيم العمل ويحدد مستوى المهارة والمستوى المهني، ومن ثم تحديد الأجر المناسب .
     وعلى الرغم من كون المهن ليست وليدة الحضارة المعاصرة، وأن جذورها ضارية في أعماق التاريخ، حيث شهد العالم القديم بعض الأعمال المهنية للصفوة الارستقراطية المثقفة ، وعلى الرغم من ظهور بعض الارتباطات والتنظيمات المهنية في القرن الثامن عشر خاصة في العالم الغربي ثم العالم العربى (3 : 5 - 7) على الرغم من كل ذلك فقد تأخر ظهور التصنيفات المهنية سواء على المستوى العالمي أو المستوى العربي .
     وتتمثل أهم محاولات التصنيف المهني على المستوى الدولي والعربي والقطري ، حسب تسلسلها الزمنى على النحو التالي (11 : 7 – 10) :
1- التصنيف الدولي:
     وتبنته منظمة العمل الدولية ، ونشرت مشروعها الأول سنة 1938 ثم أعيد تعديله في ضوء الخبرة المستمدة من بعض الخبرات الغربية سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا أو بريطانيا وطرح هذا التعديل أمام المؤتمر السابع لأخصائى العمل سنة 1949 ، وفى ضوء ما أدخلته المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية من أعمال مهنية جديده بعد الحرب العالمية الثانية ، ثم أدخلت تعديلات جديده على التصنيف في سنة 1958 ، ثم دخل في أطوار جديدة من المراجعات والتعديلات كان أكثرها وفاءً بأهداف التصنيف ما ظهر في طبعة منقحه ومطوره سنة 1968  وهى الطبعة الأساسية التى تعكف منظمة العمل الدولية إلي الآن على مراجعتها وتعديلها.
2- التصانيف المهنية العربية : ومنها :
أ - تجربة مركز التنمية الصناعية للدول الصناعية في سنة 1973 بالتعاون مع منظمة العمل العربية : حيث أعد المركز دليلا للتصنيف المهني على نسق الطراز الدولي ، أقرته اللجنة الاستشارية للإحصاءات الصناعية بالمركز في سنة 1976 ، ولم يصغ إلا في سنة 1979 ، ومع ذلك فلم تكتمل فيه مكونات التصنيف ولم يخرج في صورته النهائية أو يوزع على الأقطار العربية .

ب - تجربة المؤسسة العربية للتشغيل : وهى إحدى مؤسسات منظمة العمل العربية التى بادرت بمهمة إيجاد تصنيف مهني عربي، في إطار مشروع النظام العربي لمعلومات القوة العاملة وحركة التشغيل ، وأعدت دليلا برموز ومسميات المهن والنشاط الاقتصادي الذي صدر في يناير 1984 ، واستكمل الدليل في عام 1985 ، بوضع مواصفات المهن كي يخدم أغراض تبادل معلومات القوة العاملة وتنقلها بين الأقطار العربية ، وجاء هذا المشروع ترجمه للتصنيف الدولي مع بعض الاقتباس من التصنيف المصرى .
 3- التجارب القطرية :
      حيث نهجت بعض الأقطار العربية النهج الدولي نفسه في محاولاتها لوضع تصانيف مهنية خاصة بها ، مع إضافة أو حذف لبعض المهن بصوره محدودة.
4- مبادرة منظمة العمل العربية :
      إيمانا بأهمية إعداد تصنيف مهني عربي ، بادرت المنظمة في مطلع عام 1986 بتشكيل فريق عمل من خبراء التصنيف المهني الذي سبق وأن ساهموا في إعداد تصانيف وطنيه في مصر والأردن والسعودية، والعراق والمغرب ، وذلك تحت قيادة مسئول التدريب المهني في مكتب العمل العربي ، واضطلع الخبراء بمهمة إنجاز مشروع التصنيف العربي .
     وبعد مراجعة التصانيف السابقة الدولية والعربية والقطرية تأكد فريق الخبراء من كونها لا تخدم أهداف  وتطلعات ووظائف التصنيف المهني العربي المشهود ، وخصوصية الدول العربية .
     وعقدت اجتماعات لفريق العمل خلال عام 1986 تم فيها الاتفاق على البرنامج الزمنى لإنجاز المشروع وتوزيع الأدوار والمسئوليات على الأعضاء، ثم مراجعة التنفيذ ، وأخيرا انتهى الفريق إلي إنجاز مسودة التصنيف المهني العربي ، الذي نعتمد عليه في هذا الكتاب (الذي بين يديك) ، في تحديد فئات التصنيف المهني عامة والفئات التعليمية على وجه الخصوص .
     وانطلاقا من مفهوم التصنيف المهني بأنه نظام حصر الأعمال وتصنيفها في مجموعات طبقا لدرجة التشابه في طبيعة العمل أو النشاط الاقتصادي ، وتعريف الأعمال بأوصاف تلخص مهام وواجبات الأداء ؛  طُور هيكل التصنيف المهني العربي ، الذي يتكون من مجاميع ، يضم كل منها أعمالا تربط بينها علاقات منظمة ، تقوم على أساس التشابه والتجانس في طبيعة العمل .
     وينقسم التصنيف رأسيا إلى مجاميع متسلسلة من التجميع إلى التفصيل ، ووزعت هذه المجاميع حسب التدرج إلي خمسة مستويات هي:
* القســم : ويتكون من أجزاء.
* الجــزء: ويتكون من أبواب .
* البــاب : ويتكون من فصول .
* الفصـل  : ويتكون من أعمال ( مهن ) .
* العمــل : ( المهنة ) .
 أما عناوين أقسام التصنيف المهني العربي وأرقامها الترميزية فهي :
(0) المديرون في الإدارة العامة وإدارة الأعمال .
(1) الاختصـاصـيون في المجـالات العلمية والفنية والإنسـانية .
(2) مهن العمليات الصناعية والكيميائية والصـناعات الغذائية .
(3) مهن الزراعة وتربية الحيوانات والطيور والصـيد .
(4) الفنيون في المجالات العلمية والفنية والانسانية .
(5) مهن القـوات المسـلحة والأمن وغيرها .
(6) المهن الهندسية الأساسية المساعدة .
(7) مهـــن الخـدمــات .
(8) المهـن الكتــابيـة .
(9) مهـن البيــع .
     وبالنسبة للهيكل العام لتصنيف الفئات المهنية وفقا لمستوى المهارة فقد جاء التصنيف المهني العربي متفقا إلي حد كبير مع التصنيف العالمي ، في خمس فئات رئيسية على النحو التالى (11 : 13 – 14) :
1- فئة الاخـتصاصي :    Feofessional    
     وتشمل الأعمال التى يتطلب إنجازها قدرا عاليا من المهارات العلمية والإدارية والفنية لدى شاغليها ، ومن ثم فانهم يحتاجون إلى إعداد مهنى ومستوى جامعى ، ومن أمثلة هذه الفئة: المحامون والقضاة والمهندسون ، والأطباء ، ومدرسو الثانوى والجامعة .
2- فئة الفنى :     Technician
     وتشمل الأعمال التى يتطلب إنجازها مهارات عملية وإدارية وفنية لدى شاغليها ، وقدرة على نقل أفكار الاختصاصيين إلى الفئات الدنيا . ويحتاج الفرد فى هذه الفئـة إلى إعداد مهنى فى مستوى المعاهد الفنية ( أى من سنتين إلى ثلاث بعد المرحلة الثانوية وما فى مستواها ). ومن أمثلة هذه الفئة : فنى المختبر ومدرس الابتدائى، والممرض * …الخ .

3- فئة العامل المهنى ( الفنى المساعد ) : Craftsman
     وتشمل الأعمال التى يتطلب إنجازها مجموعة من المهارات تغطى إطار مهنة بشكل متكامل لدى شاغليها ، وتتضمن الجانب العملى والمعلومات الفنية النظرية ، ويحتاج الفرد ضمن هذه الفئة إلى إعداد مهنى فى مستوى إنهاء المرحلة الثانوية الفنية ، مع خبرة عملية لا تقل عن خمس سنوات، ومن أمثلة هذه الفئة : خراط عام وبائع عام وميكانيكى مركبات خفيفة عام .
4- فئة العامل الماهر : Skilled Worker
     وتشمل الأعمال التى يتطلب إنجازها توافر المهارات العملية المتعلقة بجزء كامل من المهنة لدى شاغليها ، بالإضافة إلى المعرفة النظرية للأسس العلمية والفنية المتعلقة بالمهنة . وتتطلب هذه الفئة إعدادا مهنيا متخصصا فى مسـتوى خريجى مـراكز التدريب المهنى     ( وهى فى المتوسط سنتان ) . ومن أمثلة هذه الفئة : الخراط ولحام الكهرباء والطابع وميكانيكى محركات بنزين.
5- فئة العامل محدود المهارات :   Semi Skilled Worker
     وتشمل الأعمال التى تتطلب توافر قدر محدود من المهارات العملية فى جزء من العمل ، بالإضـافة إلى بعض المعرفة النظرية المرتبطة بهذا الجزء . ويمكن اكتساب هذه المهارات من خلال تدريب قصير فى موقع العمل أو أحد مراكز التدريب ( وهى فى العادة أقل من    سنة ) ، ومن أمثلة هذه الفئة : مصلح إطارات المركبات ،وبائع الصحف ، ومشغل الآلات .
ثانياً: التعليم كمهنة:
    فى ضوء ما تم الإشارة إليه حول مفهوم المهنة ومعاييرها وفئاتها ، يمكن معرفة الحد الذى عنده يمكن اعتبار التعليم مهنة من المهن ومدى الاختلاف بينه وبينها ، والمراحل المختلفة التى مر بها التعليم لكى يصل إلى مستوى التمهـين والمكانة التى تشغلها مهنة التعليم بين المهن الأخرى ، وأهم فئات التصنيف داخل التعليم ومواصفات من يعملون بها .
 وعليه يمكن تناول عناصر هذا القسم فيما يلى :
* مقومات التعليم كمهنة
* التطور التاريخى لمهنة التعليم .
* المكانة الاجتماعية والاقتصادية لمهنة التعليم.
* فئـات التصـنيف الـوظيفى داخـل مهنـة التعليم .
أ - مقومات التعليم كمهنة :
     بتحليل ما تم الإشارة إليه من معايير المهنة ، نتبين مدى توافر مقوماتها وشروطها فى مجال التعليم ، على النحو التالى :-
1- يعمل معظم المدرسين من أجل تأدية خدمة المجتمع والإنسان ويتنزه معظمهم عن الاستغلال والمكسب الشخصى ، فالتعليم والتربية عموما فى الأساس إفراز لمطالب المجتمع ولترقية جوانب الإنسان واستعداداته .وليس معنى ذلك أن يظلم المعلم ويحرم من المكسب المادى ، فهو كأى إنسان له متطلباته واحتياجاته الأساسية التى لابد من الوفاء بها. وعلى المجتمع أن يرد له الجميل بدفع رواتب مجزية نظير ما يقوم به من أعمال ، فالمكسب المادى هنا حافز لعمله وليس دافعا له والفرق بين الدافع والحافز شئ معروف .
 2- يتطلب التعليم من المعلم أن يكون على قدر كبير من المهارة والمعرفة والفهم والإبداع ، وذلك فى ضوء ما يسند إلى المعلم من أدوار ومسئوليات، كمصدر للمعرفة ومستثير لها وكموجه ومرشد لتلاميذه ، وكمصدر واشعاع فى البيئة المحلية ، وغير ذلك من الأدوار داخل وخارج المدرسة.
3- يُعد أغلب المعلمين ، إعدادا على مستوى التعليم العالى ، ولم يبق بعد ذلك إلا بعض المعلمين الذين عملوا بالمهنة بالرغم من عدم حصولهم على مؤهل تربوى فى كليات أو معاهد إعداد المعلمين بما يجعلهم مستوفين شروط التمهين التربوى ، كما يخل بهذا المعيار أن الكثير من معلمى المرحلة الابتدائية تخرجوا فى معاهد أقل من المستوى الجامعى ، فيعدون من قبل الفنيين ، ولذلك أخذت الدول المختلفة " ومنها مصر " بإعداد برامج تأهيلية على المستوى الجامعى لمعلمى المرحلة الابتدائية ، ويتوازى معها إنشاء أقسام وكليات التعليم الأساسى والتربية النوعية ، وهذا ما يجعل المهنة تجتاز أهم المعوقات التى تحول دون تمهين التدريس على كافة المستويات التعليمية .
4- تتوافر لمهنة التعليم تنظيمات مهنية جماعية ( كالنقابات ) تشارك إلى حد ما فى صياغة أهداف المهنة وتقديم الخدمات للمعلمين ، ومع ذلك فهناك الكثير من السلبيات التى لاتزال تحد من كفاءة نقابة المعلمين فى أداء ما هو منشود منها بما يجعل من مهنة التعليم مهنة قوية وفعالة ويضعها فى المقدمة أو مصاف المهن الأخرى التى تتمتع باحترام المجتمع مثل: مهنة الطب أو المحاماة أو الهندسة .
5- للمعلمين تراث عظيم من الأخلاق المهنية ، وميثاق شرف المهنة وآدابها ، يشارك فى تحليله وصياغته المفكرون والجمعيات التربوية المحلية والقطرية والعالمية ، وإن كانت هذه الأخلاق والآداب قد بدأت تغيب عن برامج الإعداد المهنى ، وكذا تغيب عن ممارسات بعض أصحاب المهنة التعليمية . كما لا تتمتع نقابات المعلمين بدور رقابى أو إلزامى لمحاسبة تجاوزات العاملين بالتعليم كما يحدث فى المهن الأخرى التى تتمتع بقوة أخلاقياتها وإلزاميتها.
6- تقدم مهنة التعليم للعاملين بها عملا يتسم بالدوام والاستمرار نسبيا وإن كان ليس على نفس درجة المهن الأخرى فالطبيب والمحامى والمهندس يبقون على صفاتهم ملتحقين بنقاباتهم مهما طرأ على نشاطهم من تغير ، أما المدرس الذى يترك مهنته ليشتغل فى إحدى الوزارات غير وزارة التربية والتعليم - فى عمل لا يمت إلى التعليم بصلة فإنه يفقد عضويته بمهنة التعليم، وينقطع تماما عن كل شئ يتصل بها (8 : 37) وهكذا لا يتحقق هذا المعيار إلا بدرجة محدودة فى مهنة التعليم .
7- يطلب من المعلمين أن يكون لديهم مؤهلات معينة قبل العمل بالتعليم ، كما تتوافر إمكانات الاطلاع على كل ما هو جديد بالمهنة من دوريات أو مطبوعات . ومن خلال هذه الأنشطة وغيرها كبرامج التدريب التى يجتازها المعلمون ، يتحقق النمو المهنى والأكاديمى والثقافى للمعلمين .
     وهكذا نصل إلى شئ من القناعة بتوافر أغلب مقومات المهنة بالنسبة للتعليم، وتبقى بعض الإجراءات اللازمة لتحقيق التمهين الكامل للتعليم كما يحدث فى بعض المهن الأخرى ، ويقع عبء القيام بهذه الإجراءات على المعلمين  أنفسهم كما يقع على برامج الإعداد والتدريب للمعلمين قبل وأثناء الخدمة.
ب - التطور التاريخى لمهنة التعليم  :
     بالاحتكام إلى مقومات تمهين التعليم - التى سبق ذكرها . يمكن القول بأن التعليم لم يشغل عبر العصور المختلفة نفس الوضعية المهنية التى يحتلها حاليا . وعلى الرغم من القول بأن التعليم رسالة ، من أقدم الرسالات والأنشطة الإنسانية على سطح الأرض ،إلا أن التعليم كمهنة يُعد من أحدث المهن التى لا يزال أعضاؤها يجاهدون فى سبيل التمهين الكامل كسائر المهن التى رسخت جذورها ومقوماتها .
ويشير أحد المفكرين التربويين إلى أن التعليم كمهنة مر بثلاث مراحل كبرى متميزة على النحو التالى (3 : 9 - 15) :
— مرحـلة مـا قبـل المهنيـة .
— المرحـلة شـبه المهنيـة .
— مرحلة التمهين النـامى .
ونشير إلى كل مرحلة كالآتي :
1- مرحلة ما قبل المهنية :
    وتمتد هذه المرحلة منذ بداية التاريخ الإنسانى وحتى أواخر القرن الثامن عشر ، وتتفرع فى ثلاثة أطوار .
* الطور الطبيعى للتعليم :
     وغالبا ما يتمثل فى العصور البدائية مع الجماعات الإنسانية الأولى حيث كانت تسرى التعاليم من الكبار للصغار تلقائيا وبطريقة غير مقصودة ، ومن خلال الاحتكاك المباشر ، واتصفت أساليب التربية بالعفوية والتلقين المباشر ، وبعدم تخصص الأدوار التربوية إلى حد كبير اللهم إلا التربية الدينية والأخلاقية على أيدى الكهنة ورجال الدين .
* الطور الإرادى للتعليم :
    وظهر مع تنامى الحضارات القديمة عند قدماء المصريين والصينيين والإغريق والرومان حيث ظهر فيها التخصص والتقسيم للأعمال والحرف وتوزيع الأدوار المختلفة بين أفراد المجتمع للقيام بالأعمال المختلفة ، وقد اقتضى ذلك تخصص نخبة مثقفة من الناس للاضطلاع بالأعمال التربوية ، وتمثلت هذه النخبة فى الكهنة عند قدماء المصريين ، والقادة عند الصينيين، والفلاسفة والشعراء عند الإغريق . وأهم ما يميز هذا الطور هو نشأة الكتابة وتقدمها ولم يعد التقليد أو اللغة الشفوية الوسيلتين الوحيدتين فى التعليم والتربية .
     وقد ظهر ما يشبه التعليم المدرسى على استحياء فى أواخر هذا الطور ، حيث ظهرت المدارس بشكل اجتهادى وغير منظم ولم تنتظم فى شكل سلم تعليمى متميز المراحل .
ويكمن تلخيص وضع التعليم والمعلم فى هذه الحقبة فيما يلى (12 : 22 - 32):
— كان المعلمون من صنع أنفسهم .
— كان يقوم بالتعليم طائفة من الأفراد والجماعات الدينية التى لم تحترف التعليم
— لم يكن التعليم مسئولية الدولة ، وإنما سيطر على التعليم السلطة الدينية والسياسية خاصة عند المصريين القدماء والإغريق بينما تُرك الإشراف على التعليم عند الرومان للأباء.
— لم يكن للعاملين بالتعليم ، إعداد مهنى ، أو وعى بوجودهم كجماعة منظمة ملتزمة بأداء الواجبات المهنية (3 : 11) .
* الطور المؤسسى للتعليم :
     ويبدأ مع أوائل القرن الثالث قبل الميلاد ويمتد إلى بداية العصور الحديثة حيث بدأ فى هذا الطور ظهور مراحل مختلفة، وتخصصات تعليمية ، ظهر معها المدرس المتخصص فى المادة أو المدرسة أو المرحلة ، وظهرت بعض المعابد المصرية القديمة التى عَملتْ كجامعات .
     وكنتيجة لظهور مراحل تعليمية بعضها للصغار والبعض الأخر للكبار ، أرتبط بكل منهما نوع من المعلمين ، وتميز النوعان من حيث المهارات والمكانة الاجتماعية ، والاقتصادية.
     وقد تخصص معلمو التعليم الأولى فى تعليم المهارات الأساسية وبخاصة القراءة والكتابة وتحفيظ النصوص الدينية ولم يتمتع هذا النوع من المعلمين بمكانة مهنية عالية ، أو بمستوى إعداد عالٍ أو ثقافة علمية ذات بال .
      وعلى النقيض مما سبق نجد معلمى التعليم العالى أو ما فى مستواه ، يتمتعون بتقدير اجتماعى عال وثقافة متميزة ،وتخصصيه علمية فى العلوم والمعرفة فى ضوء هذا العصر.
    وبينما تخصص معلمو المرحلة الأولى فى العصور الوسطى المسيحية فى تعليم الصغار القراءة والكتابة وحفظ بعض آيات الكتاب المقدس والترانيم الكنيسية وبعض المبادئ الرياضية، وتخصص معلمو العصور الوسطى الإسلامية ( معلمو الكتاتيب ) فى القراءة والكتابة والنحو وبعض فنون المعرفة الأخرى كالحساب ، بجانب تحفيظ القرآن.
     تخصصت مرحلة التعليم العالى فى العصور الوسطى المسيحية فى تعليم الدراسات اللاهوتية والإلمام بأمور الدين والعقيدة المسيحية ، بجانب اتجاه أخر لتعليم بعض العلوم الدنيوية والفلسفية والتوفيق بينها وبين العقيدة خاصة فى أواخر العصور الوسطى . فى غضون ظهور الحركة المدرسية و الجامعات الأوربية التى بدأ ظهورها فى القرنين الثانى عشر والثالث عشر الميلاديين . أما مرحلة التعليم العالى فى العصور الوسطى الإسلامية والتى تمثلت فى المدارس والمساجد فقد عنيت بالدرجة الأولى بتعليم علوم الدين الشرعية ثم ما يخدمها من علوم اللغة والعلوم اللسانية وبدرجة أقل أهمية العلوم الدنيوية كالكيمياء والطب والهندسة والفلك (15) .
    وعلى الرغم من ظهور بعض المعاهد للتعليم العالي فى مصر الفرعونية وعند الإغريق ، إلا أن جامعات العصور الوسطى كانت أولى المؤسسات التعليمية التى قامت بعملية الإعداد والتأهيل واضفاء حق الممارسة على بعض المهن ، فالدراسة الجامعية كانت تمثل إعدادا رسميا على مستوى عال (للمهنة). أما قبل ظهور الجامعات فى أوربا فكان الإعداد للمهن يتم عن طريق التلمذة على يد أحد العلماء المتخصصين أو عن طريقة الممارسة ذاتها (12 : 27) .

     وعلى خلاف المهن الأخرى التى بدأت في تحديد معالمها وتجد لنفسها تنظيمات نقابية ، نجد أن مهنة التعليم قد تخلفت عن الركب ، فعلى الرغم من أن الجامعات بدأت فى إعداد بعض المدرسين للجامعة ولبعض المؤسسات التعليمية الأخرى ، إلا أنها كمهنة لم يظهر لها تنظيم خاص، واستمر المعلم يأخذ الترخيص الذى يمنحه حق التدريس من رئيس الكاتدرائية التى تتبعها الجامعة (12 : 28) . كما لم يوجد تدريب مهنى للتدريس وكان المعلم يتعلم التدريس من خلال التدريس ذاته .
2- مرحلة التعليم شبه المهنية :
     تمتد هذه المرحلة -عالميا- من أوائل القرن التاسع عشر إلى نهايته .
     فقد أسفرت الجهود فى نهاية المرحلة السابقة عن ميلاد مهنة التعليم ، ونظراً لأن ملامح المهنة لم تتشكل بعد ؛ كان لابد من وجود بيئة جديدة لتغذية المهنة الجديدة وتشكيل لغتها ونظامها ، وهو ما حاولت المرحلة الحالية تحقيقه.
     فقد بدأت تتغير الأفكار والممارسات التربوية فى ظل انتعاش الفلسفات والأفكار الإنسانية فى عصر النهضة ، ونهوض العقل وظهور الأفكار الليبرالية السياسية والاقتصادية فى عصر التنوير فى القرنين السابع عشر والثامن عشر ، ولكن كان لابد أيضاً من توافر عوامل محددة ومقومات لتمهين التعليم .(16) وهذا ما لم يظهر إلا على استحياء فى أوائل القرن التاسع عشر، وتوافر أغلبها فى منتصف القرن نفسه (12 : 30).
     وأهم ما يميز هذه المرحلة فى مجال تطور التعليم كمهنة ، ظهور تنظيمات تخدم مهنة التعليم ، حيث ظهر لأول مرة فى سنة 1802 جهاز منظم من المفتشين والإداريين بفرنسا للعمل فى الجامعات الإقليمية ، كما سنت لائحة 1816 بفرنسا مبدأ الحصول على شهادة الصلاحية فى التعليم لممارسة العمل التربوى بالمدارس الأولية. واشترطت السلطة السياسية المصرية شروطا لمن يعمل كمعلم فى سنة 1868 ، وتطور الوضع إلى ضرورة اجتياز امتحان تحريرى وشفوى للحصول على وظيفة معلم فى سنة 1897 (3 : 13) .
     وقد سبقت ألمانيا مصر والدول الأوربية فى وضع امتحانات تأهيلية للمعلمين ، حيث صدر فى علم 1810 قانون يشترط على معلمى المرحلة الثانوية اجتياز امتحان تأهيلى قبل التعيين بالتدريس ، وتلاه قانون أخر ينص على وضع المعلم تحت الاختبار لمدة سنة قبل التعيين ، وفى فرنسا وجد نظام مدارس النورمال لتأهيل المعلمين والقائمين بالتدريس فى المدارس العامة (3 : 14 - 15) ، ثم تبعتها بعد ذلك الدول الأوربية الأخرى والولايات المتحدة الأمريكية . ومع ذلك فلم يكن التمهين التربوى قد أخذ شوطا بعيدا ، وكانت محاولات الإعداد للمعلمين على المستوى القطرى والدولى محدودة إلى حد كبير وذلك بسبب تأخر ظهور التربية كعلم معترف به له نظرياته وأصوله .
     كما أن التعليم الأولى كان لا يزال فى هذه المرحلة ، فى مستوى متدن أشبه بالحرف المبتذلة وكان لابد من الارتفاع بمستوى تأهيل وإعداد معلمى المرحلة الأولى لكى تتحقق المهنية للتعليم.
 3- التعليم فى مرحلة التمهين النامى :
     ومع بدايات القرن العشرين تطورت التربية كعلم لـه أصوله ونظرياته ، وبدأ مركز الثقل التربوى والاهتمام  ينحاز إلى المتعلم بعد أن كان مركزا على المادة العلمية والمعلم ، واستلزم هذا التطور حاجة المعلم إلى امتلاك أدوات جديدة ، تعينه فى تعليم النشئ ، بالإضافة إلى المعرفة التخصصية ، وتمثلت أهم العناصر والأدوات اللازمة فى معرفة المعلم لخصائص المتعلم والمراحل النمائية التى يمر بها واحتياجاتها من الأساليب الملائمة للتعليم والتدريب، وقد ساعد على تلبية هذه المتطلبات الجديدة تراكم الفكر التربوى السابق وتنامى البحوث فى مجال علم النفس وطرائق التدريس وتكنولوجيا التعليم والتقويم النفسى وغيرها من المجالات التى تخدم عمل المعلم .
     وقد أفادت الدول الغربية من هذا التطور وتلك البحوث فى تنظيم برامج إعداد المعلم وخاصة معلم المرحلة الأولى . وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية سباقة فى هذا المضمار حيث قامت منذ عام 1890 بتحويل بعض المدارس إلى كليات معلمين ، مما جعل إعداد معلمى التعليم الابتدائى فى مستوى شبه جامعى ، وارتفع بعد ذلك إلى المستوى الجامعى منذ أربعينات القرن العشرين . كما تبنت كل من فرنسا وإنجلترا سياسات لإصلاح إعداد المعلمين منذ عام 1944 ، حيث عرفت فرنسا خطة ( لا نجفان فالون ) لتسوية نظام إعداد كل فئات المعلمين فى أربع سنوات ، وعرفت إنجلترا قانون ( بتلر ) للارتفاع بإعداد المعلمين إلى المستوى الجامعى ، وللتسوية فى درجة المرتب بين معلمي التعليم الابتدائى والثانوى (3 : 14 - 15) .
     وتبنت العديد من الدول النامية ( ومنها مصر ) هذا الاتجاه فى تطوير التمهين للتعليم وبخاصة فى المرحلة الأولى . ومن الاجراءات التى اتخذتها فى هذا الصدد ، تنظيم العمل النقابى للمعلمين والارتفاع بمستوى الإعداد للمراحل التعليمية المختلفة إلى المستوى الجامعى  ( كما هو معروف فى كليات التربية النوعية والتعليم الأساسى وأقسامه بكليات التربية ) ، وكذا تنظيم برامج التأهيل التربوى لمعلمى المرحلة الابتدائية لمدة أربع سنوات فى الجامعات المختلفة ، وهذا بالإضافة إلى برامج التدريب المختلفة أثناء الخدمة .
     وهكذا تكون الإجراءات التى اتخذتها الدول المختلفة (متقدمة ونامية) لتحسين التمهين التربوى وتطويره ، من الخطوات العملاقة فى تاريخ مهنة التعليم ، ومع ذلك تبقى بعض التحديات التى تواجهها وتحول دون اكتمال مقومات التمهين لها . كما لا زالت المهنة تعانى من المشكلات التى تحتاج إلى العلاج بما يحقق للتعليم مكانة اجتماعية واقتصادية مرموقة ويشجع الكفاءات العالية على العمل بها بدلا من العزوف عنها.
جـ- المكانة الاجتماعية والاقتصادية لمهنة التعليم :
     تعبر المكانة فى العلوم الاجتماعية الحديثة عن وضع معين فى النسق الاجتماعى . أو الوضع الذى يشغله الفرد أو الجماعة فى ضوء توزيع الحقوق والواجبات والالتزامات والقوة أو السلطة فى النسق … أوهى مركز اجتماعى فى نظر الآخرين يتم الوصول إليه بفضل التقدير الاجتماعى الذى يحصلون عليه ويصاحبه بعض مظاهر الاعتراف والاحترام   (7 : 183) .
     ولدراسة المكانة الاجتماعية والاقتصادية لمهنة التعليم أهمية خاصة لطالب الدراسات التربوية ، كما أن لها أهمية فى مجال علاقة المهنة بالمهن الأخرى . ومعرفة مدى التأييد الاجتماعى للمهنة وبالتالى ما يعنيه ذلك من أشكال التقدير الأدبى والمادى للمعلمين .
     فبالنسبة لطالب الدراسات التربوية عليه أن يتعرف على المركز الحالى والمستقبلى للمهنة المتوقعة ، ويدرك أثر اختياره على حياته الشخصية أو علاقاته الاجتماعية فى المستقبل ، وحتى لا يفاجأ أو يصدم بمتغيراته ، كما يساعد التعرف على مكانة مهنة التعليم معلم المستقبل فى التبصر بالتحديات التى تواجه مهنته ، والاستعداد لتحمل المسئولية فى تحسين مكانة المهنة ؛ لان فى تحسينها ارتقاء بمركزه الاجتماعى وبتقدير الناس له . فالمهنى مدفوع بحاجات سيكولوجية واجتماعية ومادية تحقق له الأمن النفسى ، والتقدير الاجتماعى والعيشة المكفولة والمدرسون ليسوا إبداعا بين المهنيين الآخرين (9: 172- 173) .
   ومن ناحية أخرى فإن حصول مهنة التعليم على مكانة مهنية لائقة وتحسينها ؛ لـه أهمية عامة تشترك فيها مع المهن الأخرى وتتمثل هذه الأهمية فيما يلى (7 : 184) :
1- تحقيق المزيد من التعاون مع المهنيين الآخرين .
2- الحصول على دعم وتأييد المجتمع مما يساعد على زيادة فاعليتها وتأثيرها على المواقف التى تتعامل معها .
3- ومن ثم زيادة الثقة ، لدى المستفيدين ، فى ممارسيها وقدرتهم على المساعدة
4- تحقيق نوع من الجذب المهنى ، وذلك بالتأثير فى نوعية الكفاءات من الطلاب ، وإثارة الرغبة فيهم للعمل بالمهنة ومن ثم الحصول على أفضل المستويات .
     وتشير الدراسات إلى أنه قد تحققت إنجازات كبيرة فى مجال تحسين مكانه مهنة التعليم والعاملين فيها على المستويين العالمي والمحلى ساعد فيها ارتفاع مستوى إعداد وثقافة العاملين بالتعليم الابتدائى ( ولو بدرجات متفاوتة بين الدول المتقدمة والدول النامية ) انعكس أثرها فى هيبة ومكانة المدرسين (2 : 194) كما عزز من المكانة الاجتماعية للمهنة مؤخرا ، أن التدريس لم يعد مقصورا على الفئات الاجتماعية المتواضعة ، واتسعت قاعدته من المستويات الطبقية المختلفة ، وضم عناصر جديدة من شرائح اجتماعية معززة كانت تغذى المهن الأخرى، وساعد على ذلك أيضاً ، اتخاذ المزيد من التدابير لتحسين أحوال المعلم المالية والفنية والوظيفية (3 : 30) مما شكل نوعا من الإغراء لبعض العناصر الممتازة من طلاب الدراسات التربوية (19) .
      وعلى الرغم من كل هذه الإيجابيات المشرقة على مكانة التعليم كمهنة ، فما زال هناك العديد من السلبيات والتحديات ولا يزال معلم المرحلة الابتدائية يعانى من سوء الوضع والهوان على الناس (20) كما لا تزال المهنة التعليمية - وبخاصة فى مستوى التعليم الأولى- تتصف بصفات سيئة حفل بها الأدب التربوى . ونسج منها صورة رديئة قامت حولها دعاية مهنية منفرة كما لم يعد المعلم فى هذا العصر يتمتع بكل المميزات التى كان ينعم بها سلفه (6: 208) .
      ومما يشير إلى المكانة المتدنية اقتصاديا لمهنة التعليم ، انخفاض المرتبات والدخول للأغلبية الساحقة من المعلمين، ومن المعروف أن انخفاض الأجور والرواتب يعبر عن انخفاض  مستوى التقدير المادى من المجتمع والقائمين عليه. وتتضح هذه الصورة بمقارنة رواتب المعلمين بغيرهم من العاملين فى المهن المرموقة الأخرى ، ولنا أن نجيب عن العديد من الأسئلة لمعرفة مدى انخفاض المكانة الاقتصادية للمعلمين ، فعلى سبيل المثال هل تتناسب أجور المعلمين ومستويات إعدادهم بالمقارنة بالمستويات المهنية الاخرى كالمحاميين والقضاة والأطباء والمهندسين ؟ وهل ارتفعت رواتب المعلمين فى الفترة السابقة بما يتناسب مع ارتفاع مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار حولهم وبما يتناسب مع ما هو متوقع من المعلم فى الملبس والمسكن والمأكل والتثقيف ؟ وما نتيجة مقارنة المعلم المصرى أو العربى بأقرانه فى الدول الغربية ؟ هذه الأسئلة وغيرها ، تبحث عن إجابات لها ، ويحتاج الأمر مزيدا من البحث والدراسة .
ويكفينا فى هذا المقام أن نتعرف مثلاً على رواتب العاملين بمهنة التعليم فى الولايات المتحدة الأمريكية. ففى خلال عشرين عاما ( من 55/1956-75/1976 ) ارتفع معدل متوسط رواتب المدرسين للمرحلتين الابتدائية والثانوية من (4055 ) إلى ( 12524) دولارا سنويا ، وقد بلغت نسبة الزيادة حوالى ( 309% ) بالنسبة لمدرسى المرحلة الابتدائية و(291%) بالنسبة لمدرسى المرحلة الثانوية وجدير بالذكر أن أسلوب التشدد الذى اتخذته بعض منظمات المعلمين قد أسفرت عن زيادة هائلة فى رواتبهم وذلك عن طريق المساومة (2 : 208 - 209) ، هذا مع التسليم بان انخفاض الرواتب للمعلمين ظاهرة عالمية إلى حد كبير (21) .
     وهناك العديد من الأسباب والعوامل الكامنة وراء سلبيات المكانة الاجتماعية والاقتصادية لمهنة التعليم ومن هذه الأسباب :
1- ضخامة حجم العاملين بها : حيث يعمل بمهنة التعليم وحدها أعداد تفوق من يعملون فى العديد من المهن الأخرى أن لم تفقها مجتمعه، وكان من المفروض أن يدعم هذا العدد الكبير مهنة التعليم لو كان هناك تنظيم مهنى قوى يستفيد من الحجم وينظمه ويوجهه لخدمة أهداف المهنة وحماية العاملين بها ، ولكن العكس هو الحادث ، فتصبح الكثرة غير المنظمة وسيئة الإعداد مصدراً للضعف والازدراء الاجتماعى . وقد ساهم فى زيادة حجم العاملين بالمهنة ، شعبيتها لجميع فئات المجتمع وزيادة الطلب الاجتماعى عليها مما فتح باب المهنة على مصراعيه لغير أهلها وغير المعَدين تربويا ، تحت شعارات مختلفة مثل ( نص العمى ولا العمى كله ) فظهر ما يعرف ( بمعلم الضرورة ) .
2- يعتبر التعليم من أوضح الأمثلة لما يعرف بالمهنة المفتوحة : Open Profession  وهى المهنة التى لا تقوم النقابات أو غيرها بأى جهد خاص لرقابتها أو لتحديد الالتحاق بها ، ولذلك نجد أن مهنة التعليم لا يتوافر لها شروط الترخيص الجيد كما هو حادث بالنسبة للمهن المغلقة Closed Profession (10 : 424 ، 976). وهكذا لابد من الاعتراف بان متطلبات الدخول فى مهنة التدريس لم تكن على نفس المستوى المطلوب توافره فى المهن الأخرى (2 : 192) . مما أضعف بالضرورة قوة التعليم كمهنة وقلل من هيبتها، حيث تشير الكثير من الدلائل إلى أن سلطة وقوة المهنة تزداد كلما كانت للمهنة مستويات ومتطلبات معينة كشروط للانتساب إليها (2 : 195 - 196) .
3- ويرتبط بالعامل السـابق ويتواكـب معه ، عدم توافر ما يعرف بالنزعة المهنيةPro Fessionalism : بمعنى ( تلك الصفات المعقدة التى تتميز بها بعض المهن) ، كالاعتداد بالمهنة والشعور بالمسئولة الفردية والتطبيق العملى لدراسات فنية والميل نحو التنظيم الذاتى وروح الابتكار المتزايدة ، وتتجه النزعة المهنية إلى رفع مقدار المهنة وتتطلب زيادة مزاياها من الناحيتين المادية والأدبية والتوسع فى قيود مزاولتها (10 : 438) ويتضح هذا المعنى فى ممارسات بعض المعلمين حيث تأتى سلوكيات لهم على غير المستوى المنشود والمسئول كما نجد بعض الأفراد يستخدمون التدريس كخطوة أولى للدخول فى مهنة أخرى (2 : 192) .
4- كما يرتبط بانفتاح المهنة ما يعرف بمشاعية النظام التعليمى وانكشاف ممارسات المعلمين، وانفتاح العمل التربوى لمؤثرات أخرى غير المدرسة، ممثلة فى وسائل الأعلام والكتب وغيرها، فمن المعروف أن المدرسين دائما يظهرون أنشطتهم لأفراد المجتمع فضلا عن اشتراكهم بصورة واضحة فى الحياة العامة (2 : 193) وكما يقول سعيد إسماعيل على : " إن التعليم يتعامل مع الناس وتحت أبصارهم ويكشف لهم عن أسراره وأساليبه". هذا بخلاف المهن التى تتعامل مع الناس وجها لوجه ، ونجد الناس يجهلون أسرارها لأنها تتعامل معهم بلغة علمية وفنية خاصة.
      ومن المعروف أيضا أن وسائل الإعلام وغيرها من مصادر المعرفة الجديدة قد شكلت ثقافة الناس والمتعلمين ؛ ولم يعد المعلم هو المصدر الوحيد للمعرفة والثقافة؛ مما نقل مركز الاهتمام والهيبة والاجلال من المعلم إلى هذه المصادر الجديدة . كما أصبح من المألوف أن كثيرا من الاباء يمكنهم ان يجادلوا المدرسين ويخطئوهم في عملهم وينقدوهم في كفاءتهم (3 : 16) مما يعني بالتالي اهتزاز مكانتهم بين الجمهور المستفيد من التعليم .
     كما يرتبط بالمؤثرات الخارجية أن أفراد المهنة لا يملكون السلطة الحقيقية لتسيير دفة الأمور واتخاذ القرارات المهمة ؛ " فأفراد الشعب يملكون سلطة  التحكم القانوني في المسائل التربوية وليس أعضاء المهنة انفسهم . وأفراد المجتمع ككل يضعون السياسة التعلمية ويختارون التربويين كما يسيطرون علي النواحي المالية ،هذا بالإضافة إلى أن مرتبات المدرسين فى المدارس العامة . تستقطع من الضرائب  وهذا في حد ذاته يشكل قيودا ويسبب مشاكل لانجدها في أى مهنة أخرى " (2 : 193) كما يلاحظ أن نمو مهنة التعليم نظريا وعمليا جاء علي أيدى عناصر من خارج المهنة : فلاسفة واطباء وسيكولوجين واجتماعيين وغيرهم واقتصر دور المعلمين علي دور العمال المنفذين ومن ثم اصبح التعليم مهنة حرفيين - أو بلغة مهذبة - مهنة عمليين .. وهذا يعني أنهم ليسوا في مستوى المهنيين الذين يتمتعون بحرية اتخاذ القرار الفني في محيط
عملهم (3 : 21) .
5- كما ساعد على اتضاع المكانة المهنية للتعليم ؛ سيادة العنصر النسائى بين العاملين فيه وخاصة في المرحلة الابتدائية ورياض الاطفال ؛ وهذا من مميزات مهنة التدريس  التي تفترق بها عن المهن الأخرى عالميا ومحليا فبالنسبة للولايات المتحدة الامريكية بلغت نسبة المدرسات إلي نسبة المدرسين في المدارس الابتدائية والثانوية في عام 1920 (1:6) ، ووصلت إلى (1:3.5)  في عام 1940 وانخفضت النسبة إلى (1:2.5) في عام 1960 . كما يلخص تقرير لليونسكو  اتجاهات مشاركة الإناث في اوروبا في مجالات التخصص التعليمي للمستوى الثالث ( التعليم الجامعي والعالى ) حيث تبين أن في العلوم التربوية ترتفع مشاركة الاناث إلي أكثر من نصف مجموع الطلبة (13 : 51) ونظرا لنقص الاحصاءات العربية فتكفينا أية نظرة عابرة للعاملين في حقل التعليم وخاصة في المرحلة الابتدائية لنتعرف علىعدد المدرسات بالمقارنة بالمدرسين.
     أما عن الكيفية التي يسهم بها العنصر النسائي في انخفاض مكانة مهنة التعليم ؛ فتتمثل فيما يلى (3 : 18 - 19) :
— ان المرأة بحكم طبيعتها البيولوجية كثيرة الغياب عن العمل لظروف الحمل والولادة ؛ مما يؤثر علي نجاحها المهني وكفاءة عملها .
— ان الكثير من النساء يعملن لشغل الوقت أو كسب الرزق واعانة أزواجهن في أعباء المعيشة. كما يكرسن أغلب وقتهن لتلبية احتياجات الأبناء والأزواج ؛ ويأتي النمو المهني وحب المهنة والمشاركة في النقابات في مرحلة متأخرة من أولوياتهن مما يؤثر بالسلب علي المهنة أو الحركة الجماعية للمعلمين .
— لا تزال المرأة في مرتبة تالية للرجل في أغلب المجتمعات النامية . وقلما تتولى زمام القيادة أو يعترف لها بتأثير روحى على الأجيال ؛ أو يعترف الرجل للمرأة ؛ في هذه المجتمعات - بالفضل أو التقدير .
— إن العديد من النساء قد ساهمن في اتضاع مكانتهن ونداء الرجال بتقاعدهن حيث تُقصِّر الكثيرات منهن في أعمالهن؛ وقد عزز من هذه النداءات ارتفاع نسب البطالة بين الذكور على وجه الخصوص . وليس معني الإشارة إلى هذه الانتقادات إننا نتفق مع المنادين بتقاعد المرأة ورفضها في مهنة التعليم ؛ فوجودها أصبح من قبيل الضرورات العصرية نظرا لزيادة  تعليم الفتيات ؛ والحاجة إلي بديل الأم فى السنوات الأولي لتعليم  الاطفال ؛ ولكن كل ما نبتغيه ترشيد نسب المعلمات بالتعليم وإيجاد سبل اصلاحية حتى لا يطغي العنصر النسائي علي الرجال أو تقل درجة اخلاص  النساء لمهنة التعليم . (وسوف نعرض لهذه القضية في الباب الثاني " الفصل الثالث " ) .
6- كما لا يقدم التعليم للمعلمين مسارات مفتوحة أو متنوعة للترقي بخلاف المهن الأخرى التى تتنوع فيها الترقيات وتكثر ، وغالبا ما يرتبط بالترقيات الماديات والمكانة الاجتماعية فمع ارتفاع  الدرجة يرتفع المرتب
والمنزلة (3 : 21) .
     ومن السهل أن يلاحظ أو يتذكر طلابنا العديد من مدرسيهم الذين وصلوا إلى سن التقاعد أو المعاش وهم مازالوا في الدرجة  الوظيفية نفسها أو أعلى منها قليلا ، وقلما يحصلون علي وظائف قيادية أو إدارية عليا حيث لا تتجاوز نسبة من يصل لمثل هذه  الوظائف من المعلمين نسبة 10% من جملة  العاملين بالمهنة (3 : 21) .
     وبالإضافة إلى الأسباب والعوامل السابقة، فهناك العديد غيرها قد ساهم ولو بدرجة أقل في انخفاض مكانة مهنة التعليم وضعف  دورها  الاجتماعي و الاقتصادى ، منها على سبيل التمثيل لا الحصر : انخفاض درجة إعداد العديد من المدرسين وضحالة برامج إعدادهم مهنيا وثقافيا وأكاديميا ، وتسرب الإحساس بالفشل والعجز لدى العديد منهم ، خاصة أمام الادوار العديدة والمربكة التي يفرضها كل من المهنة والمجتمع ، وعلي أرض الواقع  نجد غالبية المدرسين يهربون من أداء  هذه الأدوار ، أو يعطونها مكانا هامشيا ، ويعتصمون بالدور التقليدى  في التعليم (3 : 27) .
     وقد كان من بين أهم النتائج لضعف المكانة الاجتماعية  والاقتصادية  لمهنة  التعليم ، عزوف  الشباب العربي عن مهنة  التدريس ، وضـعف الانتماء المهني لدى المعلمين (6 : 299) ولذلك يقال أن " التعليم مهنة مهجورة "
(3 : 28) حيث تعني الهجرة ماديا سرعة ترك العديد من العاملين لها للعمل بمهن أخرى أكثر تقديراً ، وترك بعض النساء لها بسبب التقاعد المبكر أو بسبب الزواج ، وتعني  الهجرة معنويا الشعور بالاغتراب داخل المهنة والبقاء فيها علي كره .
     وبينما تشير  الدراسات  النفسية  الوصفية و التحليلية الي الجانب المعنوى  من الهجرة للمهنة ، فإن العديد من الاحصاءات تشير إلى العامل المادى المتمثل في ترك المعلمين للمهنة أو عزوف الطلاب عن الدارسات التربوية .
     وعلي سبيل التمثيل فقد قدر من ترك المهنة في الولايات المتحدة الامريكية بحوالي ستمائة ألف  في المدة من 1939-1945 كما قدرت إحدى الدراسات أن ربع المدرسين يتركون  التعليم  في الخمس سنوات الأولى من عملهم ولا يبقي بالمهنة حتى سن الاحالة إلى المعاش سوى نسبة ضئيلة تقدر ب (30%) للرجال ، (16%) للنساء " (5 : 263) .
     وفى العالم العربي تدل الاحصاءات إلي تراجع نسب المتجهين للتخصص في اعداد المعلمين ، من بين الحاصلين علي الثانوية العامة كما يتضح من الجدول التالي :


جدول رقم (1)
توزيع الطلبة حسب النمط التعليمي فى
الاقطار العربية % (61)

السنة    معاهد وكليات
اعداد المعلم    التعليم
الأكاديمى    التعليم
المهنى     
1970
1975
1980
1983
1984    2.1
1.9
1.8
1.7
1.8    86.8
88.6
78.5
87.7
88.0    11.1
9.5
10.7
10.5
10.3    

     وهناك وجه آخر من هجرة المعلمين وهو تفضيل البعض منهم البحث عن فرص للعمل بالمهنة خارج حدود الوطن خاصة في الدول الغنية ، كما جرى بالنسبة لعدد غير قليل من المدرسين المصريين وهجرتهم للعمل بالدول العربية البترولية ، وقد تتحول هذه الهجرة في بعض الأحيان إلي هجرة مستديمة ، لذلك أصبح من المألوف أن نسمع عن بقاء بعض المعلمين لعشرات  السنين في الدول العربية ، وهذه الظاهرة أكثر وضوحا بالنسبة للمعلم  الجامعى .
     وهناك ظاهرة أخرى نشأت كنتيجة لانخفاض المكانة الاقتصادية لمهن التدريس علي وجه الخصوص وهي ظاهرة الدروس الخصوصية  أو ما يطلق عليه بعض اساتذة التربية اصطلاح ( المدرسة الموازية ) وقد لجأ اغلب المدرسين تحت وطأة غلاء المعيشة وانخفاض الرواتب إلى تقديم الدروس الخصوصية نظير قدر من المال يتفاوت فى تحديده المدرسون ، وفى سبيل ذلك أعتمد البعض منهم ( من أصحاب الذمم والضمائر الفاسدة ) أسلوب الضغط والتهديد، واعتمد البعض الآخر على أسلوب الاستمالة والدعاية ، واعتمد غيرهم على تنامى الطلب الاجتماعى ورغبة الآباء فى الارتقاء بالمستوى المعرفى لأبنائهم أو الحصول على مجاميع عالية . وقد أثرت ظاهرة الدروس الخصوصية على ظهور سلسلة غير متناهية من السلبيات ، والتى لا مجال لحصرها الآن ، ولكن من أهمها المزيد من ازدراء الآباء ، وتتبع ومراقبة الأجهزة الحكومية ( وخاصة الضرائب ) لأنشطة المعلمين وكأنهم يتاجرون فى سلع تموينية ممنوعة ، والأخطر من ذلك كله الإسهام فى قصر وظيفة التعليم على الجانب المعرفى دون غيره من الجوانب التربوية.
     وبينما لجأ بعض المدرسين للدروس الخصوصية ، لجأ البعض الآخر إلى أنشطة أخرى   ( غالبا أنشطة تجارية ) كأعمال موازية لمهنة التعليم ، وكان من نتيجة الدروس الخصوصية وغيرها من الأعمال الخارجة عن حدود المهنة ؛ ضعف صحة المعلم وانشغاله بأنشطة أخرى تقلل من فرص الاطلاع والتثقيف المهنى ، وضآلة فرص استمتاعه بالحياة كغيره من المهنيين، وغير ذلك من النتائج التى لعب على أوتارها الجهاز الإعلامى ، وتفنن فى إخراج المعلم فى صورة كاريكاتورية يتندر بها الجمهور .
     وبعد فإن ما سردناه من أفكار حول المكانة الاجتماعية والاقتصادية لمهنة التعليم وما حللناه من أسباب وعوامل الضعف والتراجع ونتائجها ، لا يعنى أن الأمر قد استفحل وتضخم ولا يقبل العلاج ، فعلينا أن نتحصن بالأمل المشفوع بالعمل ، وعلينا فى بداية أية استراتيجية للعلاج والتحسين للمهنة ومكانتها ، أن نسلم بأن معرفة الأسباب وعوامل الضعف هى المنطلق السليم للعلاج ، كما علينا أن نسلم بأن حجر الزاوية فى أى إصلاح هو المعلم نفسه (24) ومدى وعيه بأدواره المهنية ، والتزامه بأخلاقياتها وآدابها وبمسئوليات العمل الفردى والجماعى لتحقيق أهداف المهنة .
     وعليه يمكن إلاشارة إلى الوسائل التالية كمنطلقات لتحسين مكانة التعليم كمهنة ، فيما يلى:
1- تطوير وتحسين برامج إعداد المعلم وتدريبه ، لأن إعداد المعلم هو أساس التمهين للتعليم ، وسوف تتحطم جميع سبل التطوير والتحسين للمكانة المهنية على صخرة الإعداد السئ كما وكيفا.
      ويعنى تطوير وتحسين برامج الإعداد بالدرجة الأولى أن تشتمل نظم الإعداد للمعلمين على المجالات المهنية والثقافية والتخصصية وعلى الجانبين العملى والنظرى ، كما سنظل على تأكيدنا بوجوب إعداد معلمى جميع المراحل التعليمية ( بما فيها رياض الأطفال والتعليم الابتدائى ) على المستوى الجامعى .
     كما يتضمن التحسين للبرامج التدريبية أثناء الخدمة اشتمال برامج التدريب للمعلمين على الأنواع المختلفة كالتدريب الإضافى والتجديدى والسريع وطويل الأجل ، وإثناء العمل أو على أساس التفرغ ، وغيرها من الأنواع ، وفى هذا الصدد لابد من التأكيد على أهمية تدعيم وتعزيز برنامج التأهيل التربوى لمعلمى المرحلة الابتدائية للمستوى الجامعى الذى تقدمه كليات التربية بالمشاركة مع وزارة التربية والتعليم ، ولا بد من تقديم الحوافزالمناسبة لتشجيع المعلمين فى الخدمة على الالتحاق به واجتيازه.
     ولابد أن نتوقع من تحسين برامج الإعداد والتدريب ارتفاع كفاءة المعلمين و بالتالى التقدير المادى والأدبى من المجتمع ، حيث إنه لا يعطى قبل أن يأخذ ، ولا يعطى ألا بقدر ما يأخذ ، إنه لا يمنح التقدير الأدبى ، والثقة الكاملة فى المهنة ولا يسخو عليها ماديا إلا بعد اقتناعه التام بأهمية عملها وحيوية خدماتها ، وكفاءة العاملين بها (3 : 32) .
2- ويرتبط بمجالات وبرامج الإعداد للمعلم ،  ضرورة  ألا يرخص للعمل بالمهنة إلا لمن اجتاز برنامجا معترفا به للتأهيل التربوى . والترخيص عملية منح موافقة شرعية لفرد كى يقوم بالتدريس ، والغرض من وراء التخريج  حماية الجمهور بإبعاد الأشخاص غير المؤهلين عن حجرة الدارسة (2 : 70) .
     وبناء علي ما سبق لابد من إعادة النظر فى مدة الترخيص للمعلم وألا يجيز مجرد الحصول علي المؤهل الحق فى ممارسة التدريس مدى الحياة ، وإنما لابد للمعلم أن يجتاز برامج للتعليم المستمر كشرط للترخيص المهني ،وأن تصبح الرخصة للمهنة بمثابة عقد قابل للتجديد بشرط  رضا الطرفين وهما المعلم والطلب  المجتمعي ( يمثل الطلب المجتمعي في أغلب الأحيان مجالس الأباء والإدارة التعليمية )
     هكذا يمكن أن نطمئن إلى أن مهنة التعليم لن تعد موطئا لقدم غير المؤهلين لها ، وأن يظل جميع المعلمين فى جهاد مستمر لتحسين كفاءتهم والحفاظ على رضا المجتمع ومن ينوب عنه .
3- كما يجب الانتباه إلى تحسين مدخلات برامج الإعداد للمعلمين - خاصة فى كليات التربية - بوضع الشروط اللازمة والمعايير والمقاييس المناسبة لاجتذاب أفضل النوعيات من الطلاب ، وقد تترجم الشروط والمعايير فى صورة رفع الحد الأدبى لمجموع درجات المقبولين من الثانوية العامة أو ما فى مستواها : وقد يتوازى معها شروط بالنسبة للمقبولين من الكليات الجامعية الأخرى ( تقدير السنة النهائية - أو مجموع تقديرات الأربع سنوات ) ، كما قد تترجم المعايير إلى مقاييس نفسية فى الكفاءة والاتجاهات والمهارات العقلية ، وألا يكتفى كما يحدث فى أغلب الأحيان - بالمقابلة الشخصية التى تحولت إلى عمل روتينى . لا يمنع أحدا من المتقدمين للقبول فى كلية التربية .
     وقد يقال أن رفع الحد الأدنى لمجموع الدرجات سوف يؤدى إلى نقص أعداد الراغبين فى الالتحاق بكليات التربية ، ولكن هذا مردود علية بوجود العديد من الحوافز المجتمعية حاليا لم تكن موجودة من قبل مثل فرص التشـغيل لخريجى كليات التربية أو المجتازين لبرامجها وذلك بخلاف المتخرجين فى أغلب الكليات الأخرى ، وبالنسبة للفتيات بصفة خاصة فان المتخرجات فى كليات التربية يستثنين من الخدمة العامة كشرط للتوظيف الحكومى ، كما يمكن رفع عدد الراغبين فى الالتحاق بكليات التربية من خلال وضع نظام جديد من الحوافز المادية والمعنوية .
4- ومن الأهمية توعية المعلمين ( سواء فى إطار برامج إعداد وتدريب المعلمين أو فى إطار التعلم الذاتى ) بأدوارهم ومسئولياتهم المختلفة داخل وخارج المدرسة ومن الأدوار المهمة التى نذكرها فى عجالة هنا (25) دور المعلم كقدوة أو نموذج يحتذى به، ودوره كمصدر للمفاهيم والمعارف والمهارات المختلفة ودوره كمرشد وقائد ، ودوره كمنظم للمناخ الاجتماعى والنفسى داخل الفصول ، ودوره كمستخدم لطرق التدريس وأساليب التعليم    (26) ويضيف (روبرت رتش ) البعض الأخر من المسئوليات ، كالمحافظة على النظام داخل المدرسة ، وتقييم تحصيل الطلاب ، وإخبار أولياء الأمور بنتائج أبنائهم ، والأنشطة المصاحبة للمنهج ، والنمو المهنى ،وتقييم المدرس لنفسه ، والعمل بكفاءة مع بقية الزملاء، ومسئوليته تجاه السلوك الشخصى ، وتشكيل الاتجاه العام نحو المدرسة    (27) ولابد أن إتقان المعلمين لأدوارهم ومسئولياتهم سوف يرفع من مكانتهم الاجتماعية واكتسابهم رضا الجمهور المستهدف والقائمين على سياسة التعليم وإدارته .

5- ويتواكب مع التوعية بالأدوار والمسئوليات ، ضرورة تنمية أخلاقيات وآداب مهنية محفزة على الارتقاء بمهنة التعليم وكما يذكر ( محمود قمبر ) : " فان من الوسائل الاستراتيجية للنجاح المهنى فى التعليم : بث عقيدة مهنية جديدة تبشر بها الطلائع المتحمسة من المعلمين الأكفاء والمخلصين ، وينهض بها نقابة مناضلة على كل المستويات السياسية والتشريعية والاجتماعية والمهنية ، وتعمل لتغيير الأوضاع المادية الظالمة ، وتحسين الظروف السيئة التى يعمل فيها المدرسون (9) .
     وغالبا ما تكون هناك لجنة لرعاية وتغيير وتطوير ميثاق آداب المهنة (ميثاق شرف ) ، وتتبع هذه اللجنة تنظيميا روابط المعلمين ونقابتهم من خلال وسيط يعرف بلجنة الحقوق والمسئوليات (28) .
     ويمكن تدعيم ميثاق آداب مهنة المعلمين بما تقره أدبيات التربية وأبحاثها حول واجبات المعلم تجاه المهنة والتلميذ والمجتمع ، كما يمكن تدعيمه بما تقره الجهات المختلفة حول احتياجات المهنة لتعزيز مكانتها ، وتراثنا الدينى والتربوى ملئ بهذه الأخلاقيات عموما ، وأخلاقيات التعليم خصوصا ،ومن الممكن الاستفادة ( ولو بالجهد الذاتى من المعلمين ) بهذا التراث فى تأصيل أخلاقيات مهنية يلتزم بها المعلمون فى مسئولياتهم المختلفة . وعلى معلمى المستقبل أن يتعرفوا على مثل هذه الآداب والأخلاقيات لأنها من أهم الخطوات نحو اكتساب ثقة المجتمع واحترامه . ولا يكفى أن يقوم المعلم بترديد بعض المبادئ الأخلاقية النبيلة ، وإنما عليه أن يعيش طبقا لهذه المبادئ .
6- تنمية وتحسين العمل الجماعى ممثلا فى التنظيم النقابى : إذ لا يكفى أن يكون المعلمون ناجحين ، على مستوى الفرد أو الشخصية فمن الضرورى لهم أن ينجحوا كذلك على مستوى الجماعة المهنية ففى نجاحهم نجاح التعليم كمهنة عاملة ومتنافسة مع المهن المتقدمة والناجحة فى المجتمع (29) ، وهناك العديد من الشواهد على تأثير العمل الجماعى فى مكانة المهن عموما ومهنة التعليم خصوصا ، ويُرجع البعض ضعف مكانة التعليم كمهنة إلى قصورها وضعف التنظيم النقابى للمعلمين فى أداء أدواره المنشودة    (3 : 41) .
     ومن ناحية أخرى نجد البعض يُرجع المزايا التى اكتسبتها مهنة التعليم حديثا فى الدول المتقدمة إلى الجهود التنظيمية ، فعلى سبيل المثال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية يقول ( روبرت رتشى ) ولقد تمت كل تلك الإنجازات ( فى مهنة التعليم ) عن طريق مجهودات المدرسين الذين كرسوا وقتا ثمينا فى العمل الجماعى على كافة المستويات .
     وإذا كانت النقابات تعيش على هامش العمل السياسى ولا تدعى إلى مشاركة حقيقية فى الحكم والتشريع ، فان تقصيرها فى مجالات العمل المهنى المتخصص ليس له ما يبرره (3 : 41) وأكثر من ذلك أن عمل نقابة المعلمين قد تقلص وتحدد إلى حد كبير فى بعض المجالات الخدمية والاجتماعية الهزيلة .
     وهناك العديد من المجالات التى يجب أن تحسن وتطور فى أعمال نقابة المعلمين قياسا على ما تقوم به تلك التنظيمات الجماعية فى بلاد الغرب ، فمن أمثلة الخدمات التى تقوم بها ( رابطة التربية القومية ) بالولايات المتحدة الأمريكية : "النمو المهنى والعلاقات العامة والدفاع عن مهنة التدريس وإجراء الأبحاث ووضع مستويات لجودة المهنة والرعاية الاجتماعية للمدرسين ، والعلاقات مع الحكومة الفيدرالية وتطوير المناهج واساليب التعليم والتربية الدولية ، وإصدار المطبوعات والمساهمة فى المفاوضات المهنية . وتصدر الرابطة صحيفة رسمية وتوفر خدمات مباشرة متنوعة لأعضائها تتضمن التامين ضد الحوادث والموت ، وصندوق التامين التعاونى ، والمعاشات السنوية غير الخاضعة للضرائب . ومن مطالبها عام 1975م تحسين الوضع الاقتصادى للمدرسين، ورفع مستوى إعداد المعلمين أثناء الخدمة(2 : 200 - 201) .
     أين نقابة المعلمين المصرية من مثل هذه الأنشطة وغيرها ؟ يقول سعيد إسماعيل : " ليست للنقابة لجان تربوية متخصصة مولت بحوثا أو قامت بها ، وليس لها كتاب واحد مطبوع يتناول شئون التعليم وليس لها سياسة منهجية معلنة فى إصلاح التعليم وتحسين المهنة ، تعمل على تنفيذها وتتخذ بشأنها استراتيجيات عمل ، وتكتيكات مناسبة تعرفها النقابات التربوية فى العالم
المتقدم (3 : 41) .
7- تحسن الوضع الوظيفى للمعلمين :
ويتمثل ذلك فى عدة مجالات أهمها :
— العمل على اختفاء أشكال التمييز بين معلمى المراحل المختلفة وخاصة بالنسبة لمعلم المراحل الابتدائية الذى ما زال يقبع فى ادنى مراتب السلم المهنى
— تحسين الأجور والمكافآت للمعلمين ، على أن يشترط فى ذلك ارتفاع مستوى الإعداد والتأهيل وسنوات الخبرة وتحقيق فاعلية فى الارتقاء بمستوى التلاميذ .
— التأكيد  على الدور الوظيفى المتخصص للمعلم ، بما يشبع دافع صاحبه ويحقق للمهنة احترامها ، وليس المقصود بالتخصص هنا أن يكون فى مادة معينة أو مرحلة ، وإنما يقصد به أن يكون المعلم إما من النوع البيداجوجى- أو السيكولوجى- أو السوسيولوجى- أو التكنولوجى(3 : 36).
— انفتاح العمل المهنى على البيئة ، بمعنى تعاون المهنيين مع أفراد البيئة ؛ فتكون المدرسة مركز إشعاع على المجتمع المحلى ، ومعملا للتجريب ، ومثل هذا التنظيم الجديد سوف يرقى بالمهنة إلى مستويات المهن المتقدمة ويؤصل لها منزلة اجتماعية  مشرفة (3 : 36) .
— فتح مسارات الترقى المهنى للمعلمين بشروط الكفاءة والخبرة واجتياز التدريبات المهنية ، بما يجعل المعلمين قادرين على الوصول إلى أعلى المراتب؛ فينعكس بالتالى على التقدير الأدبى والمادى لهم.
— تحسين ظروف العمل داخل المدرسة من حيث كثافة الفصول ونصيب المعلم من الحصص اليومية والأسبوعية ، وتوفير الإمكانات المادية والتقنية اللازمة لأداء عمله ، وتحسين أنماط الإدارة وأساليبها بما يعود على المعلم من تحسين كفاءته ومن ثم مكانته .
     ويتواكب مع ما سبق نشاط أجهزة المجتمع وخاصة الجهاز الإعلامى لترجيح الصورة الإيجابية للمعلم والتعريف بخطورة دوره وأهمية الارتقاء بمكانته الاجتماعية والاقتصادية ؛ وقيمة ذلك في إحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع . هذا علاوة على توفير الامتيازات الاجتماعية والصحية للمعلمين . فإذا تحقق كل ذلك فليطمئن  معلم المستقبل على حياته المهنية لأنه حتما سيجد نتيجة لكده وإخلاصه فى الإرتقاء بمكانته فى المجتمع .
د- فئات التصنيف الوظيفى داخل مهنة التعليم :
     هناك مداخل عديدة لتصنيف المهن عموما ومهنة التعليم خصوصا ومن أهم هذه المداخل، ما يعرف بمدخل التصنيف الوظيفى " أى توزيع العاملين طبقا لمستوى الأداء الفنى والتعليم والتدريب (10 - 459)، وهو - كما سبق الاشارة إليه فى بداية الفصل - يتناول بالتصنيف المهن والأعمال المختلفة إلى مجموعات رئيسية وهى : المديرون والاختصاصيون ، والفنيون، والعمال المهنيون ( الفنيون المساعدون ) والعمال المهرة ، والعمال محدودى المهارات .
     وهكذا نجد فى الواقع فئات وظـيفية مختلفة داخل مهنة التعليم فهناك المديرون ، والاختصاصيون ، والفنيون (29) .
     ولمزيد من الارتقاء بالثقافة المهنية لمعلم المستقبل ، نعرض تحليلا لفئات التصنيف الوظيفى داخل مهنة التعليم وتوصيفاً لأهم المسئوليات المنوطة بكل منها والتى تتمثل فيما يلى (31) .
أولاً : المديرون :
     وفى هذا المجال نجد نمطين من المديرين فى مجال التعليم وهما :
1- مديرو الخدمات المركزية التابعين للإدارات المركزية :
     ويقوم مديرو الخدمات المركزية بتسيير إدارات ومصالح الحكومة المركزية المعنية بتلبية الاحتياجات المادية والمعنوية للمواطنين .
     وتتمثل أهم مسئوليات المدير في اقتراح الخطط والمشروعات والبرامج اللازمة لتنفيذ السياسات التربوية والتعليمية ودراسة الاحتياجات من الأفراد اللازمين للقيام بالخدمات التعليمية وتحديد مستوياتهم فى كل مرحلة تعليمية ، واقتراح تطوير المناهج والكتب والوسائل اللازمة للتربية والتعليم ، ودراسة احتياجات المدارس من الأدوات والمعدات اللازمة ومتابعة توفيرها ، وتقدير التمويل والميزانيات اللازمة للمشرعات التعليمية ، وهذا بالاضافة الى الاشراف الفنى والادارى على الموظفين العاملين تحت إدارته ، وتقييم العمليات التربوية والتعليمية وإعداد التقارير الدورية الناتجة عن عمليات التقييم 0000 الخ .
2- مديرو المؤسسات التعليمية :
    وهم الذين يتولون ادارة مؤسسات كالجامعات والكليات والمعاهد والمدارس ، ويتضمن المهن التالية :
* رئيس الجامعة :
     ويتولى الاشراف على الخطة التعليمية والعلمية للجامعة وتنفيذ القوانين واللوائح الجامعية، وقرارات مجلس الجامعة والاشراف على جميع الأجهزة الادارية والفنية بالجامعة ، ووضع الخطة اللازمة لاستكمال حاجة الجامعة من هيئات التدريس والفنيين والفئات المساعدة وكذلك المنشات والتجهيزات والأدوات ، إلى جانب مراقبة مستويات العمل فى الجامعة فى النواحى العلمية والتعليمية والادارية والمالية ومتابعة تنفيذ سياسة الجامعة ، كما يعد تقريرا يُرفع لمجلس الجامعة فى نهاية كل سنة بخصوص هذه النواحى ، وبيان العقبات التى ظهرت خلال التنفيذ والمقترحات الملائمة ـ وغير ذلك من الاختصاصات .
* عميـد الكلية :
     ويتولى الإشراف على الشئون العلمية والادارية بالكلية ويدعو مجلس الكلية إلى الاجتماعات ، ويوقع محاضر الجلسات وتنفيذ قرارات المجلس ، ويسير الشئون التعليمية والادارية بالكلية وفقا لقوانين الجامعة ولوائحها . ويقترح عدد الطلاب الذين يمكن قبولهم فى مختلف الأقسام فى بداية كل عام دراسى ، ويتولى حفظ النظام ومراعاة سير العمل داخل الكلية ، ويمارس الصلاحيات التأديبية والادارية بالنسبة لموظفى الكلية ومستخدميها وعمالها .
     ويتولى الاشراف على الأقسام التعليمية بهيئة التدريس وشئون الطلاب والدراسات العليا والبحوث والمختبرات والمعامل ، ويشرف على رفع كفاءة أعضاء هيئة التدريس وموظفى الكلية . ويرأس لجان الامتحانات ويشرف على لجان مراقبتها واعداد نتائجها ويضع تقريرا سنويا عن نشاط الكلية والمقترحات ويرفعه إلى رئيس الجامعة … وغير ذلك من الأعمال .
* مـدير معهـد :
     ويتولى وضع الخطط والبرامج المتعلقة بنشاط المعهد ، والاشراف على الشئون التعليمية والادارية ويتضمن ذلك أغلب المسئوليات التى تضمنها القسم السابق من حيث تحديد عدد الطلاب المقبولين ، ومراقبة سير الامتحانات وتنظيم الشئون المالية والحسابية ، والاشراف على العاملين تحت الادارة ورفع كفاءتهم وأعداد تقرير سنوى عن نشاط المعهد .
* مـدير مدرسـة :
     ويشرف على سير العمل بمختلف أقسام المدرسة ، ويوزع جداول الدراسة والحصص على المدرسين ، ويشرف على حضور المدرسين والتلاميذ ، ويراقب سير الامتحانات ويعتمد نتائجها كما يشرف على الأمور المالية داخل المدرسة وغيرها من الأمور التنفيذية ، ويعد تقريرا سنويا عن نشاط المدرسة ومدرسيها ويشرف فنيا وإداريا على العاملين تحت إدارته ويعمل على رفع كفاءتهم ، ويراعى مدى تطبيق مرؤسيه لتعليمات الصحة والسلامة المهنية ، وغير ذلك من الأعمال .
ثانيا : الاختصاصيون فى التربية والتعليم :
     ويتولون القيام بتدريس وتوجيه نشاطات الطلاب فى مرحلتى التعليم العالى والثانوى ، ويتخصصون فى أحد المجالات العلمية وفروعها ، ويقومون بقياس وتقييم فعالية التعليم والتحصيل لطلابهم . ويصنف العاملون فى هذا الباب فيما يلى :
1- الاختصاصيون فى التعليم العالى :
     ويقومون بأجراء البحوث والدراسات فى مجال اختصاصهم العلمى ويدرسون للطلاب فى المعاهد المتوسطة والعليا والجامعات والدراسات العليا ، ويشرفون على دراساتهم وبحوثهم ويوجهونهم نحو تحقيق الأهداف التعليمية ، وتتدرج فئات الاختصاصيين وظيفيا بين الأستاذ والأستاذ المشارك والأستاذ المساعد والمدرس ، ويتخصص كل فى مجال علم معين أو أحد فروعه . ومن أمثلة هذه الفئة أستاذ كيمياء  وجيولوجيا ، وتاريخ ، ولغات وعلم النفس ، ورياضيات 00000 الخ .
    ومن أكثر الاختصاصات فى هـذا القسم ارتباطا بمهنة التعليم مهنة " أستاذ التربية " وهو الذى يتخصص فى فرع من فروع التربية مثل أصول التربية وتصميم المناهج وطرائق التدريس ، وتكنولوجيا التعليم والإدارة التربوية والتربية المقارنة 0000 وغيرها . ومما يقوم به من أعمال : إعداد وتقديم المحاضرات العلمية والمشاهدات العلمية وتنظيم التطبيقات الميدانية وتوجيه الطلاب وإرشادهم فى مجال الدراسة والبحث ، وإعداد قوائم المراجع والكتب وتصميم الاختبارات ووسائل التقويم لقياس تحصيل الطلاب وغير ذلك من الأعمال .
2- الاختصاصيون فى التعليم الثانوى العام :
     ويقومون بتحديد الأهداف التعليمية للمرحلة الثانوية ( المتوسط والاعدادية ) وتصميم البرامج وتجهيز المواد التعليمية وتدريسها للطلاب وتقييم عمليات التعليم والتحصيل ويضم هذا المجال فئات مختلفة مثل :
* المدرسـون :
      ويستعينون فى عملهم بالوسائل التعليمية وطرائق التدريس المختلفة ، وإعداد الواجبات المدرسية والمنزلية للطلاب ، وإرشادهم للقراءات التعزيزية ، بالإضافة إلى الاشراف والمشاركة فى النشاطات المدرسية والجمعيات الطلابية ، وينفذ المدرس ما يكلف به من أعمال أخرى .
     ومن أمثلة الاختصاصيين فى هذا المجال مدرسو الكيمياء والفيزياء والرياضيات والتربية الدينية ، والاجتماعيات واللغات 0000 الخ .
* المشرفون ( الموجهون ) التربويون :
      يقوم المشرف التربوى بزيارة توجيهية وتفقدية لمدارس معينة ويلتقى بمدرس المجال المختص فيه ، ويقيم خططهم التدريسية السنوية ويدربهم على إعداد خطط الدروس ، ويزور المدرسين أثناء تقديم الحصص ، ويقيم طرائق وأساليب تدريسهم واستخدامهم للوسائل التعليمية. ويحدد الاحتياجات التدريبية للمدرسين ، وأنواعها ويتابع التنفيذ من الجهات المعنية ، ويتابع حداثة المعلومات فى المواد التعليمية. وبالتنسيق مع مصممى البرامج والمناهج يساهم فى تطوير وتحديث الكتب المدرسية ، ويشارك فى صياغة وتطوير أدلة المعلمين .
* مصممو البرامج التعليمية :
     ويبحثون فى الفلسفة التربوية والسياسة التعليمية للمرحلة الثانوية ويحددون الأهداف التعليمية فى مجال اختصاصهم ، ويشاركون فى اللجان الفنية المكلفة بإعداد مناهج المرحلة الثانوية ، ومتابعة تطوير وتحديث المادة العلمية فى الكتب الدراسية .
* اختصاصيو الوسائل التعليمية :
     ويقومون بدراسة وتحليل المادة التعليمية ، وتحديد الوسائل التعليمية اللازمة ويقومون بتصميم وتنفيذ الوسائل التعليمية السمعية والبصرية والنماذج والجداريات بالتنسيق مع مصممى البرامج التعليمية والموجهين التربويين .
3- الاختصاصيون فى التعليم الفنى :
     ويتولون القيام بتخطيط البرامج التعليمية المهنية واكساب الطلاب المهارات الأدائية والعقلية المنشودة فى هذه البرامج كما يساهمون فى تقييم تقدم المتدربين وكلفة تدريبهم ويتابعون تجهيز ورش التدريب ومشاغلها وتطورها . ويتخصصون فى مهنة من المهن الصناعية أو الزراعية أو التجارية أو الصحية أو البريدية أو الفندقية وغيرها . ويتضمن هذا المجال المهن التالية :

* مدرس مهني : ( صناعى - زراعى - تجارى - فندقى - بريدى - تمريضى ):
     ويتخصص فى أحد الفروع السابقة ، ويدرس ويحلل الأهداف التعليمية ويعد الخطط السنوية للتدريس فى مجاله ، وينفذ هذه الخطط فى الموضوعات النظرية والتطبيقية ويتابع اكتساب الطلاب المهارات والمعارف المختلفة ، ويعد وينفذ الوسائل التعليمية ويستخدمها ، ويعد وينفذ الاختبارات التحصيلية والتقويمية لمتابعة تقدم الطلاب فى الأداء .
* ضابط التدريب :
     ويقوم بدراسة وتحليل البرامج التدريبية فى حقل اختصاصه المهنى ويحدد المستوى التدريبى المنشود ويدقق ويحدد الخطط السنوية للمدرسين والمدربين المهنيين ويشارك فى متابعة واختيار الملتحقين بالتعليم والتدريب المهنى ، ويقدم الخدمات الإرشادية له ، ويتابع ويقيم تنفيذ البرامج التدريبية ، ويدرس احتياجات المشاغل التدريبية ومواصفاتها الفنية ومراعاة استخدام وسائل السلامة المهنية وتوفير الظروف الصحية فى المشاغل التدريبية .
* منسـق التدريـب :
     ويتخصص ويبحث فى مجموعة مهنية . ويدرس ويحلل متطلبات الأداء المهنى فى الأعمال ضمن حقل تخصصه ، ويحدد الأهداف التدريبية ومستوى الأداء المنشود ، والواجبات والمهارات الواجب توافرها فى مشاغل التدريب ، ويصمم المخطط التوزيعى لآلات وتجهيزات المشاغل التدريبية ، ويراقب ويتابع ويقيم فعالية التدريب ويجرى دراسات حول كلفة اعداد وتخريج المتدرب فى حقل تخصصه كما يشارك فى تنسيق اعداد المقبولين سنويا من المتدربين وسماتهم ويعزز ويراعى تأمين واستخدام أدوات ووسائل الصحة والسلامة المهنية فى المشاغل التدريبية … وغير ذلك من الأعمال 0
4 - الاختصاصيون فى تعليم المعاقين :  
     ويقومون بالتدريس للمعاقين بصريا والصم والبكم والمعاقين عقليا ويضم هذا المجال المهن التالية :
* مدرس صم و بكم :
     ويدرس للصم والبكم باستخدام أساليب وطرق قراءة الشفاه والإشارات والتهجئة باستخدام الأصابع 0
* مدرس مكفوفين :
     ويدرس للمكفوفين فى حقل تخصصه باستخدام طريقة برايل والألواح الاردوازية والأقلام المعدنية 0
* مدرس معاقين عقليا :
    ويدرس للمعاقين عقليا فى مجال المعلومات وأساليب التعايش السليم.
ثالثا : الفنيون فى التربية والتعليم :
     يتولى الفنيون فى التعليم التدريس فى رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية ، والاشراف على المختبرات التعليمية فى مرحلة التعليم الثانوى تحت اشراف المدرسين ، ويقومون بتنفيذ الجانب العملى من برامج التعليم والتدريب المهنى ، وكذا إعداد الوسائل التعليمية 0
ويصنف العاملون من هذه الفئة فى المجالات التالية :
1 - المعلمون فى رياض الأطفال :
     ويقومون برعاية الاطفال واعدادهم للحياة المدرسية ويضم هذا المجال المهنتين التاليتين :
* مربية أطفال :
     وتعمل تحت إشراف مديرة الروضة ، وتُدرس برامج التغذية للأطفال فى دور الحضانة، وتحدد العناصر الغذائية وتشرف على إعدادها وتجهيزها وتقديمها للأطفال وتساعد الأطفال وتدربهم على تناول طعامهم بطريقة سليمة وتعودهم على أساليب النظافة وتعمل على اكسابهم الاتجاهات السوية من خلال القصص والأحاديث السليمة والهادفة والملائمة لعمرهم العقلى كما تراقب وتقوم السلوك العدوانى والإنطوائى لديهم وتنمى فيهم السلوكيات التعاونية ، وتعد الاطفال للحياة المدرسية 0
* معلمة رياض الاطفال :
     تعمل تحت إشراف مديرة الروضة وتنسق مع مربية الأطفال وتعمل بتدريس البرنامج التربوى لدور رياض الأطفال ، وتساعد الأطفال على التعبير عن انفعالاتهم ومشاعرهم بطريقة إيجابية   وتدرب الأطفال على النطق السليم وتنمية مفرداتهم اللغوية ، وإدراك الأشكال والعلاقات بينها ، من خلال البطاقات والمجسمات وتعمل بالتنسيق مع القائمين على تربية الطفل على تدعيم السلوك الإيجابى وتهذيب السلوكيات العدوانية 0
2- المعلمون فى المرحلة الابتدائية :
     ويتولون التدريس للتلاميذ باستخدام التقنيات والطرائق المناسبة للنمو العقلى ، وبالإضافة إلى دورهم في التوجيه والإرشاد ، فإنهم يقومون بتقييم واختبار التحصيل العلمى لتلاميذ المرحلة . ويتضمن هذا المجال المهن التالية :
* معلم الصف :
     ويعمل تحت اشراف مدير المدرسة ، ويوجه ويعلم تلاميذ أحد الصفوف الثلاثة الدنيا من التعليم الابتدائى 0
     وبالإضافة إلى الأعمال التدريسية العامة التى يشترك فيها مع سائر المعلمين بالمراحل المختلفة ، فإن هذا المعلم يقوم بتعليم التلاميذ الحروف وأشكالها وأصواتها ، ويدربهم على بناء الكلمات والجمل وتمييز الحروف داخل الألفاظ ، كما يعلم التلاميذ الأرقام وكتابتها والعمليات الحسابية البسيطة بالإضافة إلى التدريب على الفرائض الدينية كالصلاة والوضوء ، كما يدخل فى مهامه مساعدة التلاميذ على التعبير عن مشاعرهم بالالفاظ والحركات والرسم ، وتنمية الاتجاهات السلوكية الايجابية لدى التلميذ 0
* معلم المـادة :
     يعمل كسابقه تحت اشراف مدير المدرسة ويشترك فى الأعمال التدريسية العامة ، إلا أنه يتخصص فى مجال مادة معينة كاللغة العربية والتربية الدينية ، واللغة الاجنبية ، والاجتماعيات  ، والرياضيات والعلوم ، والتربية الفنية ، والتربية الرياضية 0
     وعلى سبيل المثال يقوم معلم الاجتماعات بدراسة وتحليل المناهج التعليمية للموضوعات الاجتماعية فى المرحلة الابتدائية ، ويحدد الأهداف التربوية للموضوع والمرحلة ، ويحدد أسلوب التدريس الملائم لكل هدف والوسائل التعليمية الفعالة والنشاطات  اللامنهجية المرافقة ويدرس التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والمجتمع العربى ، ويوجه التلاميذ ويرشدهم ويدربهم على رسم الخرائط وقراءتها ، ويقيم تحصيلهم ، ويشارك فى النشاطات المدرسية ، وغير ذلك مما يكلف به من أعمال 0
3 - المدربون المهنيون :
     ويتولى تنفيذ برامج التدريب المهنى وقيادة المتدربين لاكسابهم المهارات الأدائية ورفع مستويات أدائهم ويضم هذا المجال المهن الآتية:
— مدرب مهن صـناعى .            — مدرب مهـن زراعى .
— مدرب مهن تجـارى  .            — مـدرب مهنى فندقى  .
— مـدرب مهنى بريدى .            — مدرب مهنى تمريضى .
     ويعمل المدربون فى المجالات السابقة تحت أشراف ضابط تدريب أو مدرس مهنى ، وينفذ برنامج التدريب المهنى فى مجاله ويقيم أداء المتدربين ويتابع صيانة أجهزة التدريب ، كما يقوم بتحديد عناصر التدريب الرئيسية والمهارات ومستويات الأداء المنشودة ، ويشارك فى اعداد وتطوير التجارب العملية وإعداد الخطط السنوية والاسبوعية اليومية ، وأجراء تطبيقات والمشاهدات العملية أمام الطلاب ، ثم توزيعهم على الأعمال المختلفة ومراقبتهم وتقييم ممارساتهم وتصويبها  وتسجيل تقدم المتدربين ، وكذا تدريس برامج الصيانة للأدوات والأجهزة التدريبية ، وتصميم وتنفيذ الوسائل التعليمية ، والمشاركة فى الأنشطة المدرسية ، والتخصص فى أحد التخصصات الفرعية .
4- فنيو المختبرات التعليمية :
     ويتولون تصنيع الاجهزة المختبرية البسيطة مثل : أجهزة التجارب الفيزيائية لمرحلتى التعليم المتوسط والثانوى ، والأدوات الزجاجية والاشراف على المختبرات المدرسية ، وتنفيذ التجارب .
 ويضم هذا المجال المهنتين التاليتين :
* فنى أجهزة مختبرية :
      ويعمل تحت إشراف مدرس العلوم ، ويحضر ويجهز الأدوات والمواد المختبرية اللازمة للتجارب ، وينظف ويصون ويخزن الأدوات بعد استعمالها .
5- فنى الوسائل التعليمية :
     ويتولى إعداد الاشرطة والشفافيات وغيرها من الوسائل التعليمية التي تساعد على زيادة فعالية التعليم .
    ويضم هذا المجال المهن التالية :

*رسام وسائل تعليمية :
     وهو يعمل تحت إشراف اختصاصي فى الوسائل التعليمية ويعد ويرسم اللوحات والرسوم التوضيحية ويلونها ، بما فى ذلك مساعدة مصمم المناهج على إعداد الرسوم واللوحات اللازمة فى الكتب المدرسية .
* فنى وسائل تعليمية :
     وهو يعمل تحت إشراف اختصاصي فى الوسائل التعليمية ويقوم بتصوير وتسجيل الافلام التعليمية والشرائح ، ويتابع صيانة اجهزة العرض .
     ومن أعماله كذلك نسخ تسجيلات وتحميض الاشرطة والصور ويساعد ويدرب المدرس على استخدام الوسائل .
* فنى نماذج تعليمية :
     وهو يعمل تحت إشراف اختصاصي في الوسائل التعليمية ويضع وينفذ النماذج والمجسمات والجداريات التعليمية .
     وهكذا وفى ضوء الفئات الوظيفية السابقة ، نجد أن فئات مهنة التعليم ليست فى مستوى واحد وإنما في مستويات مختلفة من المديرين والاختصاصين والفنيين ، ويوجد فى داخل كل قسم مجالات مختلفة لمهن وأعمال متعددة ، حتى لا يصدق القول إلى حد بعيد بأن التعليم ليس مهنة واحدة وإنما هو فى الواقع مهن عديدة تتكاتف وتتكامل لخدمة أهداف التنمية الانسانية ولكن يبقى بعد ذلك التأكيد بأن محور الارتكاز فيها جميعا هو المعلم سواء كان فى رياض الاطفال أو التعليم الابتدائى أو الثانوى أو الجامعى .
مراجع الفصل الأول

المراجع العربية :
1- حسن حسين الببلاوي . محاضرات في تاريخ التربية ، تطور الفكر التربوي من العصور القديمة حتى العصور الحديثة ، كلية التربية ، جامعة الزقازيق.
2- روبرت رتشي . التخطيط للتدريس ، مدخل للتربية ، ترجمة محمد أمين الفقي وآخرين ، الرياض : دار المريخ للنشر ، 1982 .
3- سعيد إسماعيل علي . التعلم كمهنة في (سعد مرسي أحمد وآخرون) المدخل إلى العلوم التربوية ، القاهرة : عالم الكتب ، 1980 .
4- علي السيد الشخيبي . المعلم وبعض مشكلات المهنة ، في نازلي صالح وآخرون ، مهنة التعليم ، وزارة التربية والتعليم ، 88/1989 .
5- فينكس هـ . فلسفة التربية ، ترجمة ، لبيب النجيحي ، القاهرة : النهضة العربية ، 1965.
6- محمد الأحمد الرشيد . التربية ومستقبل الأمة العربية ، مجلة عالم الفكر ، ج (19) ، ع  (2) يونيو – سبتمبر ، 1988 .
7- محمد عبد الحي . مكانة الخدمة الاجتماعية بين المهن الأخرى ، مجلة بحوث ودراسات في العلوم الاجتماعية ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، س 3 ، 1987م  (1407هـ).
8- محمود السيد سلطان . المعلم ودوره التربوي ، في (إبراهيم عصمت وآخرون) ، المدخل للعلوم التربوية ، الإسكندرية : مكتبة المعارف الحديثة ، 1984 .
9- محمود قمبر . المعلم الناجح وصفاته ، في (سعد مرسي أحمد وآخرون) المدخل إلى العلوم التربوية .
10- منظمة العمل العربية . مكتب العمل العربي لمصطلحات العمل ، 1977 .
11- منظمة العمل العربية . مكتب العمل العربي ، التصنيف المهني العربي ، 1989 .
12- نازلي صالح وآخرون . مهنة التعليم ، وزارة التربية والتعليم بالاشتراك مع الجامعات المصرية ، القاهرة : دار الشعب ، 88/1989م .
13- نبيل يعقوب ، ونادر فرحاتي . مستقبل البطالة في الوطن العربي ، دار طلاس والمعهد العربي للتخطيط ، الكويت : 1988 .
14- استخدم التصنيف المهنى العربى مسمى ( العمل ) مرادفا لمسمى (المهنة) - وهو الأدق - حيث أن المهنة تضم مجموعة من الأعمال التى تؤدى إلى مستويات متباينة على سلم المهارة .
المرجع : منظمة العمل العربية ، مكتب العمل العربى . التصنيف المهنى العربى ،ط 1989م ، ص12.
15- من بين الجامعات العديدة التى ظهرت فى العصور الوسطى ، نجد الجامعة التى افتتحت فى باريس لتعليم اللاهوت والفلسفة فى عام 1200م ، وجامعة نابولى فى عام 1224م وجامعة براغ فى عام 1345م ،وجامعة فيينا فى عام 1365م ، وإن كان العرب والمسلمون قد سبقوا الأوربيين فى ذلك ، حيث أنشأوا عددا من الجامعات فى الأندلس منذ القرن التاسع الميلادى فى ( سالامنك وقرطبة وغيرها ) لمزيد من التفصيل ، انظر: حسن حسين البيلاوى . محاضرات فى تاريخ التربية . تطور الفكر التربوي . من العصور القديمة حتى العصور الحديثة  كلية التربية ، جامعة الزقازيق ،1984م ، ص90-91 (بتصرف)
16- سبقت الإشارة إلى هذه المقومات فى جزء سابق.
17- على سبيل التمثيل ، لمستوى إعداد المدرسين فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وكما تشير  الإحصاءات ، فقد ارتفعت نسبة الحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس من (44.3% ) فى عام 47/1948، إلى (61.6%) عام 75/1976م ، وارتفعت نسبة الحاصلين على درجة الماجستير والدرجات الأعلى فى نفس الفترة من(15.1%) إلى  (37.1%).لمزيد من التفاصيل ارجع إلى: - روبرت رتشى 1982 : في قائمة المراجع ، ص 194.
18- ظلت هيبة المدرس تحتل مكانا مرموقا فى استطلاعات الرأى الأمريكية ، حيث احتلت مهنة التدريس المرتبة الثالثة فى قائمة المهن المفضلة فى عام 1966 ، كما اظهر استطلاع رأى آخر أن التربويين  يحتلون المرتبة الخامسة فى قائمة تحتوى على  سبع عشرة مهنة يقدرها الشعب الأمريكى ، وكان ترتيب التربويين بعد الأطباء وأصحاب البنوك والعلماء والقادة العسكريين ، كما يبين استطلاع للرأى فى عام 1974م أن ثقة الرأى العام فى التربويين لا يفوقها إلا الثقة فى الأطباء . لمزيد من التفصيل انظر :- المرجع السابق ، ص 194.
19- هناك العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية التى ساهمت فى جذب الطلاب المصريين ، الحاصلين على مجاميع مرتفعة فى الثانوية العامة ، إلى كلية التربية ، ولعل أهم هذه العوامل ، ترشيد سياسة التعيين للمؤهلات الجامعية الأخرى ، على الرغم من استمرار الالتزام بتكليف خريجى كليات التربية حتى وقت قريب  ، ويضاف إلى ذلك اتساع إمكانات السوق المحلى والعربى لاستقبال المعلمين المصريين . (المؤلف).
20- وصف المعلم بأسوأ  النعوت والصفات التى تعبر عن تدنى المكانة وسوء التقدير الشخصى والمجتمعى لمهنة التعليم ومن هذه النعوت ما عبر به بعض المعلمين عن تصورهم للمعلم وعمله إذ يرى العديد منهم أن المعلم : - ( آلة مسيرة لا إرادة لها )
- ( قنطـرة يعبر عليها الناس ) - ( حمار شغل لا يحق له أن يشكو ) - (موظف مسكين منكر فى المجتمع ) - ( جندى مجهول بلا نصب ولا تكريم ) - ( شمعة تحترق فى صمت ) ، وغير ذلك من التعبيرات .
21- يؤكد حقيقة انخفاض مرتبات المعلمين أن مرتب المدرس الفرنسى يقارب مرتب جندى الشرطة ، كما أن مرتب المدرس الأمريكى فى انخفاض مستمر ، بينما ترتقى مرتبات المهن الأخرى. ويعتمد المدرسون البرازيليون على إعانات ذويهم . انظر لمزيد من التفاصيل : سعيد إسماعيل على ، مرجع سابق ، ص19-20.
22- لمزيد من التفاصيل أنظر : - المرجع السابق (21) ، ص 16-18
- روبرت رتشى مرجع سابق ، ص112-113.
23- تقول جوديث كوكران : " عند الحاجة إلى إحداث تغيير فى التربية يكون المعلم مركز الاهتمام "
 Cochran , J : Teacher Needs in Implementing Basic Education , in Basic Education Between Theory and Practice Conference, Cairo ( 21-25 April ) 1981 , P.I
24- سوف يأتى فيما بعد شرح مفصل لمجالات إعداد المعلم وبرامجها.
25- سوف يأتى - فى الفصول اللاحقة - شرح مفصل لأدوار المعلم .

26- لمزيد من التفصيل انظر : سعيد طه محمود : التعليم الأساسى وتنمية أبعاد المسئولية الاجتماعية لدى التلاميذ ، دراسة ميدانية بمحافظة الشرقية، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية التربية ، جامعة الزقازيق 1987م  ص87-88.
27- لمزيد من التفصيل انظر : - روبرت رتشى (2) : مرجع سابق ، ص87-99 - محمود قمبر (9) : مرجع سابق ، ص174.
28- اجتهدت دول عديدة لوضع مواثيق أخلاقية لمهنتهم ، ومن المحاولات العديدة ما قامت به الولايات المتحدة فى مجال مهنة التدريس ، حيث تم وضع أول ميثاق فى عام 1922م، ثم تم تعديله مرات عديدة فى أعوام 1941-1952-1963-1968 وأخيرا عام 1975 ، وقد تبنت ولايات مختلفة هذا الميثاق بينما استخدم البعض الآخر مواثيق شرف خاصة به ، وفى المقابل لم نسمع عن وضع دستور أخلاقى مصرى تشرف على تنفيذه لجنة متخصصة تعرف به وتدافع عنه ، وتحمى به المهنة . انظر كل من :      - سعيد إسماعيل : مرجع سابق ، ص41
- روبرت رتشى : مرجع سابق ، ص207
- محمود قمبر : مرجع سابق ، ص174.
29- يعود ضعف الدور الثقافى لمهنة التعليم فى مصر - فى بعض أسبابه - إلى حداثة عهد المهنة وحداثة النقابة ذاتها ، حيث صدر أول قانون بإنشاء ( نقابة المهن التعليمية ) عام 1951م بفضل جهود وزير المعارف آن ذاك طه حسين ،ومع تركه للوزارة تعطل تنفيذ القانون حتى عام 1955م عندما خرجت النقابة إلى النور ، وقد أعيد تنظيمها فى عام 1969م ، وهو التنظيم الذى تسير عليه النقابة حاليا إلى حد كبير ، وفى مقابل ذلك نجد التنظيمات الجماعية للمعلمين فى الغرب ذات جذور تاريخية بعيدة  فعلى سبيل المثال تأسست ( المنظمة المتحدة للمعلمين ) فى الولايـات المتحـدة الأمـريكية فى عـام 1794م ، ومن بعدها ( رابطة التربية القومية ) فى عام 1857م ، وفى إنجلترا تأسست النقابة القومية مدرسي المرحلة الابتدائية فى عام 1988م . لمزيد من التفاصيل انظر :
- نازلى صالح وآخرون : مرجع سابق ، ص36-37-70.
- روبرت رتشى : مرجع سابق ، ص198-207.
30- تصنف الفئات الوظيفية فى مهنة التعليم بصورة رئيسية إلى المديرين والاختصاصيين والفنيين ، وفيما عدا ذلك فان الأعمال الأخرى لا يمكن اعتبارها ضمن المهنة كما هو الحال بالنسبة لوظيفة كاتب تسجيل طلاب أو الوظائف المعاونة الأخرى .
31- اعتمد الكاتب فى هذا الجزء بصورة رئيسية على المرجعين التاليين :
- منظمة العمل العربية ، مكتب العمل العربى ، التصنيف المهنى العربى ، مرجع سابق ، (10 ، 11) ص 44 ، 61 ، 62 ، 148 ، 169 ، 250، 257.
- إبراهيم عصمت مطاوع : الكلية والجامعة ، فى ( إبراهيم عصمت مطاوع وآخرون ، المدخل للعلوم التربوية ) ، مرجع سابق  ص90 -91 .
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق