الأحد، 22 نوفمبر 2015

وطن للأنباء- وكالات: لا تنته عجائب


 وطن للأنباء- وكالات:  لا تنته عجائب

وطن للأنباء- وكالات:  لا تنته عجائب الكون وظواهره المحيرة ولا تنقطع، من بين الكثير من الظواهر والأالغاز المختلفة يتميز “الجحيم” الذي يُزعم بأن علماء سوفييت عثروا عليه، بأنه الأكثر رعبا وغرابة.
ما يمكن وصفه بجحيم باطن الأرض اكتشفه فريق من الجيولوجيين والعلماء السوفييت كان يتولى مشروعا في ثمانينات القرن الماضي، لحفر بئر عميقة في شبه جزيرة كولسكايا في مقاطعة مورمانسك قرب الحدود مع فنلندا لدراسة باطن الأرض.
واكتشاف الجحيم تحدثت عنه لأول مرة صحيفة فنلندية عام 1989.
ألجمت صدمة التعرف على هذه الظاهرة ألسنة الباحثين والعلماء وأصابتهم بالذهول والرهبة، ذهول عبّر عنه الجيولوجي دميتري أزاكوف بقوله: “أنا كعالم الآن أؤمن بالجحيم!”
أزاكوف سرد قصة هذا الاكتشاف في عبارات قصيرة، مشيرا إلى أن الفريق المكلف بالحفر، بعد أن وصل إلى أعماق سحيقة داخل البئر، أنزل ميكرفونا في داخله لتسجيل أصوات حركة طبقات الأرض في الأعماق، إلا أن أفراد الفريق بدلا من الاستماع إلى ضوضاء الأرض تناهى إلى أسماعهم صوت بشري يتعذب!
قال أزاكوف إن الفريق المصاحب له ظن للوهلة الأولى أن الصوت صادر عن معدات الحفر، لكنه بعد أن وقف عمل الأجهزة، صُدم بأن أسوأ ظنونه قد تأكدت، إذ تواصلت الصرخات المرعبة التي تبين أنها ليست لشخص واحد بل لجموع غفيرة من الناس!.
في أكثر طبقات الأرض سمكا، على عمق 12 ألف متر، حيث تصل الحرارة إلى 200 درجة مئوية، سجلت أجهزة العلماء السوفييت أصوات صرخات بشرية في بئر عميقة يطلق عليها الآن اسم “الطريق إلى الجحيم”، هل يمكن تصديق مثل هذه الغرائب؟
حين وصلت الحفارات إلى 13 ألف متر، وهو رقم قياسي عالمي حقيقي، زادت صرخات الأنين المفجعة، تلتها أصوات انفجارات وهدير يصم الآذان.
تؤكد الدراسات العلمية ومراكز البحث المختصة أن بئر شبه جزيرة كولسكايا بلغ عمقها 13 كيلو متر، وهو عمق هائل مكّن العلماء من إضافة مئات السنين إلى عمر الأرض، بالإضافة إلى إنجازات أخرى ذات جدوى اقتصادية كبيرة، لكن عن الأصوات المرعبة يتحدث الكثيرون من دون أي سند سوى تسجيل لا يمكن الوثوق به.
آنذاك نشرت الصحف الفنلندية والسويدية قصصا وحكايات مخيفة عن الواقعة، مؤكدة أن “الروس أطلقوا سراح الشيطان من الجحيم!”.
توقفت أعمال الحفر نهائيا وطوي المشروع برمته في عام 1994 لعدم توفر تمويل كاف، كان الرعب من مواجهة المجهول والغامض، بحسب الرواية الشائعة التي نُسجت في هلسنكي في عام 1989، أكبر من أي إغراء.
هذا المشروع المثير لاستكشاف أعماق الأرض كان يعمل فيه خلال الحقبة السوفيتية 16 مختبر أبحاث في جميع أرجاء البلد، وكان لأهميته يخضع لإشراف وزير الجيولوجيا، وتمكن العاملون فيه من الوصول إلى أعماق سحيقة لم تصل إليها أي دولة أخرى.
من الصعب التثبت من حقيقة الأصوات المنبعثة من هذا التسجيل، حيث أكد مؤخرا أحد مهندسي الصوت الروس، خلال برنامج وثائقي بشأن هذا الجحيم المزعوم، أن التسجيل مزيف، وأنه أُعد في مكتبة صوتية بالاستعانة بمؤثرات فيلم رعب أمريكي أُنتج في عام 1972، بحسب روسيا اليوم.

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

WIPO/IP/MCT/05/6

WIPO/IP
WIPO/IP/MCT/05/6
الأصل    : بالعربية
التاريخ    : -/1/2005    A      
          
المنظمة العالمية
للملكية الفكرية    سلطنة عمان   
ندوة الويبو الوطنية حول حماية الصناعات الحرفية العمانية
تنظمها
المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)
بالتعاون مع
وزارة التجارة والصناعة
والهيئة العامة للصناعات الحرفية
مسقط، 13 و14 فبراير/شباط 2005
وضع الصناعات الحرفية في سلطنة عُمان
الدكتور حسين سعيد الحارثي
مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بالإنابة
الهيئة العامة للصناعات الحرفية

مقدمة:
إن عملية الاختراع والاكتشاف التي يقوم بها الإنسان من وقت لآخر ما هي إلا محاولة للتكيف مع الظروف المحيطة واستغلالا للمصادر الطبيعية المتوفرة بأقصى حد ممكن. ومن ذلك نشأ ما نطلق عليه الحرف التقليدية.

ترتبط الحرف التقليدية في المجتمع العماني ـ كغيره من المجتمعات ـ بنوعية النشاط، وهذا يعني أنها وجدت لخدمة الوضع القائم، وهنا يربط الباحثين بين الثقافة المادية والاستعمال النفعي لها. غير أنها تتأثر بمؤشرات العرض والطلب، والحالة النفسية للحرفي، وأذواق المستهلكين، ومدى توفر المواد الخام وأساليب الإنتاج التقليدية. وبذلك يمكن تعريف الحرفة بأنها: النشاط أو مجموعة الأنشطة التي من شأنها إنتاج سلع عالية الجودة دون أن تحكمها مقاييس أو أنظمة معينة.

وتنبع أهمية نشاط الصناعات الحرفية في كونه نشاطا ديناميكيا يفسح المجال لدخول أنشطة اقتصادية واجتماعية أخرى ، فهو بالإضافة إلى كونه تركة فكرية وروحية ونفسية واجتماعية يتوارثها الخلف عن السلف، فإنه يشغل حيزا لا بأس به من أوقات الفراغ. كما أنه يعمل على إيجاد فرص عمل لكثير من الناس وبالتالي فهو مصدر للرزق والدخل مما يساهم في الدخل القومي. يضاف إلى ذلك فإنه في الوقت الذي تسهم فيه الصناعات الحرفية في استقرار أبناء الريف في مناطقهم فإنها تسهم في استقطاب الكثير من السياح.

وتتميز الصناعات التقليدية بعدد من الخصائص من أهمها:
1.    أنها تعتمد على مواد أولية بسيطة لا تدخل فيها التعقيدات العلمية أو المواد الكيميائية التي تتطلب معالجات مخبرية.
2.    الاعتماد على القوة البدنية للحرفي أكثر من الآلات.
3.    التأثر بنفسية الحرفي وذوقه.
4.    اعتزاز الحرفي بما ينتجه.

ولقد وضع رايت ملز أداة تحليلية لنمط مثالي للحرفة، يعتمد على ست خصائص:
1.    إن الدافع الوحيد للعمل هو الإنتاج والذي يجب أن يعتمد على خاصيتي الخلق والإبداع.
2.    تمثل تفاصيل العمل أهمية كبيرة لدى الحرفي.
3.    الحرفي هو المهيمن على أسلوب العمل،4.     ولذلك فهو يشعر بالاستقلال الذاتي والحرية الكاملة في مراحل الإنتاج المختلفة.
5.    الممارسة العملية تعتبر الوسيلة الوحيدة في تعلم الحرفة ومن ثم ممارستها.
6.    لا يوجد فصل واضح بين ساعات العمل وأوقات الفراغ أو الراحة،7.     بمعنى أن نوعية الحياة الاجتماعية للحرفي وأسلوب معيشته يتأثران بنوع وأسلوب العمل الذي يمارسه.

ويمكن أن نضيف إلى ما سبق أن الحرف عادة ما تكون متوارثة أبا عن جد دون شرط تحديد مكان معين لممارستها، إلا أنها عادة ما تنشأ بالقرب من المواد الأولية اللازمة للإنتاج. وتنفرد بعض الأسر في كثير من المجتمعات بممارسة حرفة بعينها ويحرص أفرادها على توارثها عبر الأجيال.

واقع الصناعات الحرفية العمانية
يرتبط التطور التنموي في السلطنة ارتباطا وثيقا بمفاهيم الموروث الشعبي والتراث والقيم الاجتماعية، واستطاع أفراد المجتمع العماني المحافظة على كثير من الخصوصيات الثقافية والإرث الحضاري.


ورغم أن الصناعات التقليدية العمانية كانت في الماضي صناعات حيوية تشكل قوام الاقتصاد، حيث كان للظروف المعيشية دورا كبيرا في إتقان العمانيون للصناعات الحرفية، ورغم شح الموارد وظروف الطبيعة القاسية فقد استطاع الإنسان العماني أن يستغل المصادر المتوفرة حوله سواء في الصحراء أم في الريف. واستطاع أن ينتج أدواته ومعداته وأثاثه. ومن أشهر الصناعات الحرفية التي لا يزال العمانيون متمسكون بها والتي تشكل موردا لرزقهم: الفضيات والفخار والسعفيات والحدادة والنجارة والجلود والعطور والنسيج.

غير أن ثمة تحديات ظهرت في وقتنا الحاضر لعبت دور مهما في التقليل من الاهتمام بالصناعات الحرفية. فكما أشرت سابق فإن هذه الصناعات نشأت من أجل خدمة الوضع القائم. فعلى سبيل المثال يعتبر  المناخ مثالا حيا على تغير كثير من أساليب الإنتاج الزراعي في سلطنة عمان و ذلك بسبب قلة الإمطار و عدم وفرة المياه اللازمة للزراعة و تربية الماشية. فقد أدى هذا بدوره إلى انخفاض الطلب على الآلات والأدوات الزراعية التي كانت تنتج بواسطة الحرفي العماني. حيث اثر تراجع الإنتاج الزراعي على الكثير من الصناعات التقليدية المصاحبة، مثل صناعة المسحاة و القراز و المجز و الهيس و الدلو و الرشا و غيرها من أدوات زراعية. في مقابل ذلك هجر الكثيرون من أصحاب هذه الحرفة حرفتهم سعيا وراء الوظائف التي تحقق لهم دخلا  اكبر وأكثر ضمانا.

من جانب آخر، جاء التغيير التكنولوجي متزامنا مع ما تشهده السلطنة من تنمية شاملة و تطوير في شتى ميادين الحياة، و أدي بدورة إلى تغير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في السلطنة، مؤثرا أيضا على كثير من الصناعات التقليدية و العادات والتقاليد المرتبطة بها.فعلى سبيل المثال أدى التطور في آلات رفع الماء إلى اختفاء الزاجرة، وتأثرت بالتالي صناعات تقليدية أخرى مرتبطة معها مثل صناعة الدلو من الجلد و صناعة الحبال، وويج الثور و القفة و المنجور التي يصنعها النجار وأدوات حديدية أخري من صناعة الحداد. كما إن عملية حصاد الزرع استبدلت بالآلات الحديثة سواء في الجز أو استخلاص الحبوب، و بالتالي الاستغناء عن بعض الآلات والأدوات التقليدية.

و صناعة النسيج من المهن التى تأثرت هي الأخرى بسبب التقدم التكنولوجي، وكذلك الجفاف الذي أصاب البلاد الذي منع من زراعة القطن كما كان في السابق، و تناقص أعداد الماشية من سنه لأخرى، و بالتالي قلة الصوف المعروض. كل هذا أدى إلى الاستغناء عن الملابس و المفروشات التي كانت تصنع محليا و استبدالها بأخرى مستوردة و ارخص بعشرات المرات، وتأثرت بالتقدم التكنولوجي الحاصل في العالم صناعات تقليدية أخرى. فقد حلت الثلاجة – على سبيل المثال – محل الزير و الجحلة و الجدوية التى كان يصنعها الملال باعتبارها أهم أدوات تبريد الماء و حفظة، واتجهت صناعة الفخار لتلبي متطلبات جديدة أكثرها تستخدم لإغراض الزينة و ما يطلبه السياح لأخذه كذكري عند زيارتهم السلطنة. و هنا يمكن القول بان الحرفة لم تتطور في بلادنا لتواكب التطور الحاصل في القطاعات الإنتاجية الأخرى مثلما حدث في أوروبا إبان الثورة الصناعية.

ويمكن تلخيص أهم عوامل عدم الاهتمام بالصناعات الحرفية على النحو التالي:
1.    أدت الطفرة النفطية في البلاد إلى إحداث تغيرات بنائية في المجتمع العماني ـ كثل باقي دول الخليج ـ شملت جميع محالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبإرادة سياسية حكيمة فقد انتشر التعليم في ربوع البلاد ما أدى إلى ارتفاع المستوى الثقافي للمواطن ومن ثم النظر إلى الحياة بمنظور مختلف.
2.    نتيجة لما ذكرت من تغير في المجتمع توفرت فرص العمل ،3.     بمختلف مستوياتها،4.     لدرجة أن القوى العاملة الوطنية لم تستطع أن تلبي متطلبات سوق العمل خاصة في المجالات التي تتطلب مهارات خاصة،5.     وأصبحت تلك الأعمال أكثر ربحية من العمل في الحرف التي قل الطلب عليها،6.     وبالتالي هجرة الكثير من الريفيين وأبناء البادية إلى أماكن تزفر فرص العمل خاصة في محافظة مسقط ومناطق حقول النفط.
7.    التغير في قيمة العمل والقيم الاجتماعية والثقافية الأخرى،8.     حيث أصبحت الوظيفة من محددات الوضع الاجتماعي للشخص وبالتالي ينظر إلي الوظيفة التي يشغلها وجهة العمل بالإضافة إلى مستوى الدخل الذي يتقاضاه.
9.    أدى الانفتاح الاقتصادي للبلاد إلى دخول منتجات حرفية كثيرة عالية الجودة ومنخفضة الأسعار مما شكل تحديا آخر أمام الحرفي العماني في قلة الطلب على منتجاته التي هي في الأصل غالية الثمن نتيجة للجهد والوقت المبذول فيها.
10.    عدم قدرة الحرفي العماني على امتلاك التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج والتي تؤدي إلى اختصار الكثير من الوقت والجهد ،11.     وقد يعود هذا إلى عدد من الأمور أهمها عدم وجود الفائض المادي الذي يمكن ادخره لشراء مثل هذه التكنولوجيا والحاجة إلى التدريب على استخدامها والخوف من عدم نجاح العمل وبالتالي ضياع تلك الآموال.







        سلطنة عمان
الهيئة العامة للصناعات الحرفية






الخنجر العماني
(دراسة مسحية لوضع الخنجر العماني)







يناير 2004




إعداد
د.حسين بن سعيد الحارثي

مقدمة:
تحتل الصناعات الفضية حيزا كبيرا في التاريخ العماني، وتتميز بحس فني ثري ، وتتفرد بذوق رفيع ينم عن فن أصيل يعكس ثقافة المجتمع الضاربة في أعماق التاريخ ، وتعبر عن مرجعية اجتماعية ودينية ذات رموز غنية بمحتوياتها. ولا يكتمل الزي العماني سواء كان للمرأة أم للرجل بدون المشغولات الفضية التي تزيده جمالا، كما يظهر في الخنجر العمانية.
والخنجر من الملامح العمانية التي لا يزال المجتمع العماني محافظا عليها، ويعتبر لبسها من مظاهر أناقة الرجل العماني، حيث يندر مشاهدة رجل عماني، ولا سيما الوجهاء والأعيان لا ‏يلبس خنجراً في حفل رسمي أو في المناسبات ‏الوطنية والخاصة كعقد القران والزفاف والتكريم وغيرها. وقد كان الخنجر قديماً تلبس أساسا كنوع من السلاح للدفاع عن النفس، وأصبحت الآن من إكسسوارات الأناقة ولوازم الوجاهة التي لا يستغنى عنها، وهي من الهدايا الثمينة التي يقدمها العماني لضيف أو عزيز لديه.
تصنع الخنجر من الفضة الخالصة، ويستغرق نقشها فترة طويلة قد تصل إلى شهر كامل بحسب نوعها، وهناك طريقتان لنقش الخنجر هما :
النقش بالقلع : ويستخدم مسماراً دقيقاً لنقش الصفيحة الفضية حيث يتطلب ذلك ‏صبراً ومهارة لتظهر النقوش كعمل فني متقن .
نقش التكاسير: وهو الطريقة الثانية وفيها يستخدم الصائغ خيوط الفضة في تزيين الخنجر ‏وهذه من الأمور المستحدثة في صياغة الخنجر .
تحاول هذه الدراسة الإجابة على العديد من التساؤلات حول وضع الخنجر العمانية الذي يخشى عليه من التقليد سواء داخل السلطنة أو خارجها، وذلك في محاولة للتعرف على الخصائص الديموغرافية للقائمين على صناعتها، والمواد الداخلة في صناعتها، ومدى كفاية الإنتاج في تغطية طلبات السوق المحلية.

أهمية الدراسة:
كما ذكرنا آنفا تعد الخنجر العمانية إحدى سمات الشخصية العمانية، ولا يخفى على أحد أن الخنجر العمانية هي أحد الموروثات الثقافية والحضارية ، وهي شعار الدولة ورمز عزتها ومجدها وهويتها. ولهذا فإن الهيئة العامة للصناعات الحرفية تسعى جاهدة إلى حمايتها من الاندثار أو التقليد،  وهذا هدف نعتقد أنه لا يمكن أن يتحقق دون أن يكون هناك تعاونا على المستويين الرسمي والشعبي. وتهدف هذه الدراسة بصفة خاصة إلى التعرف على:ـ
1.    الخصائص الديمغرافية للقائمين على هذه الصناعة الحرفية ومساعديهم،2.     في محاولة للتعرف على المدى الزمني المستقبلي لهذه الحرفة.
3.    أنواع الخناجر التي يتم صناعتها،4.     والمواد التي تدخل في صناعتها،5.     وبالتالي التعرف على المدة الزمنية اللازمة لإنتاج الوحدة وقيمتها.
6.    مدى كفاية الإنتاج في تلبية احتياجات السوق دون الحاجة إلى استيرادها من الخارج.
7.    ما إذا كانت هناك خناجر مقلدة يتم تداولها في الأسواق ومصادرها،8.     وأوجه اختلافها عن الخنجر الأصلية.
9.    أهم المعوقات التي تواجه الحرفيين العاملين في هذه الصناعة.

مبررات الدراسة:
هناك عدة مبررات يمكن أن تكون سببا قويا لإجراء مثل هذه الدراسة، وهي كما يلي:
1.    الخنجر العمانية موروث ثقافي وحضاري ينبغي المحافظة عليها،2.     انطلاقا من مدخل أحقية الدول في حماية موروثاتها الثقافية والفنية بالطرق التي تراها مناسبة.
3.    تناقص عدد العمانيين المشتغلين بهذه الحرفة يوما بعد يوم،4.     في مقابل تزايد العمالة الوافدة ـ ظاهرة أو مستترة ـ التي تتولى التصميم والصناعة والتسويق.
5.    اهتمام حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بمفردات الثقافة العمانية.
6.    خلو المكتبة العمانية من دراسات متخصصة تطرح قضايا المحافظة على الموروث الحضاري.

المنهجية:
تم إتباع المنهج الوصفي في الدراسة وذلك بوصف الوضع القائم حاليا كما هو عليه في الواقع، مع التعليق على النتائج برؤية موضوعية، وقد تم تصميم استمارة مقابلة لغرض المسح الذي غطى معظم العاملين في صناعة الخنجر العمانية في ولايات: نزوى، والخابورة، والمضيبي، وصور باعتبارها أكثر الولايات إنتاجا للخنجر العمانية رغم وجود ولايات أخرى مثل مطرح، وصحم، والرستاق التي يوجد فيها بعض الحرفيين ولكن بصورة أقل. وقد بلغ عدد الذين تمت مقابلتهم (23) حرفيا موزعين على النحو التالي:

وقد اشتملت استمارة المسح على عدد من الأسئلة، تشتمل على المتغيرات الآتية:ـ
أولا: بيانات شخصية: تشمل الاسم، العنوان ورقم الهاتف،العمر، سنوات الخبرة، وما إذا كان الصائغ متفرغا للعمل من عدمه.
ثانيا: المساعدون في الصناعة: تشمل الاسم، والجنسية، والعمر، وسنوات الخبرة، وما إذا كان المساعد متفرغا للعمل من عدمه.
ثالثا: أنواع الخناجر العمانية التي يقوم كل صائغ بصناعتها، والمواد والأدوات المستخدمة في الصناعة، ومدة إنتاج الخنجر الواحدة ، وقيمتها.
رابعا: كفاية الإنتاج: والجهات التي تطلب الخنجر العمانية بصفة أكثر من غيرها، وعدد الخناجر المنتجة سنويا، ومدى كفاية الإنتاج لتغطية طلبات السوق العماني، وهل يتم استيراد الخنجر من الخارج.
خامسا: مدى وجود خناجر مقلدة: أنواعها والمواد التي تدخل في صناعتها، وقيمتها، والأماكن التي تصنع فيها أكثر من غيرها، والقائمين على صناعتها، وعما إذا كانت تستورد من الخارج أم لا، وكيفية تمييز الخنجر العمانية من الخنجر المقلد.
سادسا: المعوقات التي تواجه الصياغ في صناعة الخناجر.
سابعا: مقترحات لحماية الخنجر العمانية.

جدول رقم (1) توزيع أفراد العينة بحسب الولاية

الولاية    العدد    النسبة %      
نزوى    9    39.1      
الخابورة    3    13.1      
المضيبي    7    30.4      
صور    4    17.4      
المجموع    23    100   


محددات الدراسة:
أما من حيث التحليلات الإحصائية فقد تم استخدام الجداول التكرارية والنسب المئوية وذلك لصغر حجم العينة، ولطبيعة الدراسة المسحية التي لا تحتاج لإجراء اختبارات احصائيه معينة.
1.    لقد أجريت هذه الدراسة بناء على توصية من لجنة منع استيراد الخناجر المقلدة المشكلة بقرار من معالي الشيخة عائشة بنت خلفان بن جميل السيابية ـ رئيسة الهيئة العامة للصناعات الحرفية الموقرة،2.     وذلك من أجل تقرير آلية معينة لحظر استيراد الخناجر من خارج البلاد.
3.    إن الدراسة لا توثق بشكل قاطع لخطوات صناعة الخنجر العمانية والمدة الزمنية التي يمضيها الصائغ فعليا في صناعة الخنجر. فقد أجريت المقابلات في مكاتب أصحاب السعادة الولاة،4.     دون أن تتم زيارة الورش أو المحلات التي يصنع فيها.
5.    لا نستطيع الجزم بأنه تمت مقابلة جميع الحرفيين القائمين على صناعة الخنجر العماني،6.     بل أولئك الذين تم استدعاؤهم من قبل مكاتب أصحاب السعادة الولاة،7.     كما انه لا يوجد توثيق للذين لم يحضروا للمقابلة.
8.    كان من المفترض أن يشمل المسح ولاية مطرح بمحافظة مسقط،9.     إلا أن المعنيين اعتذروا عن عدم التمكن من استدعاء أي من الصاغة العاملين في صناعة الخناجر وذلك لعدم معرفتهم بأسمائهم أو عناوينهم.
10.    هناك الكثير من الأجوبة المتناقضة أدلى بها الذين شملتهم الدراسة،11.     ومن الأمثلة على هذا التناقض أن أحدا من الحرفيين ذكر أنه يصنع عدد 120 خنجرا في العام الواحد دون أن يذكر أن لديه مساعدين،12.     فيما ذكر البعض أنه ينتج ما بين 20 و 50 خنجرا مع وجود مساعد أو أكثر.
13.    اتضح من المقابلات أن بعض الحرفيين لا يرغبون في الكشف عن بعض التفاصيل الخاصة بالعمل مثل وجود الوافدين في الصناعة،14.     والطريقة التي يحصلون بها على المواد الخام.

الخصائص الديموجرافية والاجتماعية لأفراد العينة:
الخصائص الديموجرافية والاجتماعية لصياغ الخناجر، حصرت لأغراض هذه الدراسة في تلك الخصائص المتعلقة بالجنس والعمر وسنوات الخبرة ومدى التفرغ للعمل، والخصائص نفسها تنطبق على المساعدين، إضافة إلى جنسياتهم.

1.    الجنس:
من المتعارف عليه أن هذه الحرفة لا يمارسها إلا الرجال، غير أن هذه الدراسة أثبتت أن هناك على الأقل امرأة واحدة تقوم بصناعة الخناجر العمانية في ولاية الخابورة، ويعاونها ثلاثة أفراد اثنتان منهم إناث. وقد يعود سبب احتكار الرجال لحرفة صناعة الخناجر إلى عدة عوامل أهمها: أن الخنجر محصور لبسها على الرجال، وبطبيعة المجتمع العماني المحافظة فإن اختلاط الرجال بالنساء شيء لا يحبذه الكثرة من أفراد المجتمع سيما وأن هذه الصناعة قديمة وضاربة في أعماق التاريخ العماني. إضافة إلى ذلك فإن عمل المرأة العمانية كان إلى وقت ليس بالبعيد محصورا على نطاق الأسرة، في الزراعة والرعي والأعمال المنزلية الأخرى. وحيث أن على الرجل تأمين حياة مناسبة لأسرته، فإنه يعمل في الحرف التي تتطلب مجهودا ووقتا وعلاقات بالرجال كما هو الحال في صياغة الخناجر.

ب. العمر:
جاءت هذه الدراسة لتثبت الفرضية القائلة بأن كبار السن هم الذين يعملون في الصناعات الحرفية بوجه عام، ففي حين كانت نسبة من تقع أعمارهم دون الأربعين 4.4% فقط، نجد أن .47.8% من أفراد العينة قد جاوزوا الستين من العمر، ومن المؤكد أن نصف الذين تقع أعمارهم بين الأربعين والستين سنة قد تجاوزوا سن الخمسين(أنظر: جدول رقم (2)).





جدول رقم (2) توزيع أفراد العينة فئات السن

الفئةالعمرية     الجنس    النسبة       
     ذكر    أنثى           
أقل من 20 سنة    0    0    0      
من 20 إلى 40    0    1    4.4      
من 41 إلى 60    11    0    47.8      
من61 فأكثر    11    0    47.8      
المجموع    22    1    100   

ومن هذا يتضح أن صغار السن لا يقبلون على الأعمال اليدوية، وذلك لعدد من الأسباب، أهمها:ـ
1.    توفر فرص عمل أكثر ربحية من الصناعات التقليدية (الخنجر إحداها)،2.     حيث نجد أن كثيرا من أبناء الحرفيين يفضلون العمل الحكومي عن العمل في الصناعات التقليدية،3.     وذلك لأن مستوى الدخل والأمن الوظيفي في سن الشيخوخة أو بعد الوفاة للأبناء أكثر ضمانا.
4.    عدم كفاية الدخل أو ثباته،5.     بل هو متغير بتغير السوق ومرتبط بمدى توفر المواد التي تدخل في صناعة الخنجر مثل القرون والفضة.
6.    الهجرة إلى مناطق أخرى داخل السلطنة،7.     مثل مسقط،8.     ومناطق حقول النفط وذلك بحثا عن فرص عمل أفضل،9.     مما حدا بأصحاب الحرفة الاستعانة بالعمالة الوافدة.
10.    لم يكن هناك الاهتمام الكافي من قبل الحكومة لحماية حرفة صناعة الخناجر من الاندثار أو التقليد.
11.    منافسة الخناجر المقلدة للخناجر الأصلية رغم الفروق التي يمكن ملاحظتها من حيث الجودة والسعر المنخفض.
12.    التغير في العادات والتقاليد وذلك بفعل الاتصال الثقافي والظروف الداخلية الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على قيمة العمل والقيم الثقافية الأخرى.
13.    التغيرات التي طرأت على المجتمع العماني بشكل عام نتيجة للطفرة النفطية التي تركت الكثيرين من جيل ما بعد النفط عاطلين عن العمل أو غير منتجين لعدم إجادتهم لعمل ما،14.     مثال ذلك الصناعات التقليدية.

جـ ـ المساعدون في صياغة الخنجر:
في كثير من البلدان يعتمد الحرفي على أشخاص آخرين يقومون بمساعدته ويكونون تحت إمرته، ففي مصر على سبيل المثال هناك ما يسمى بالصبي، أو الصنايعي الذي تلحقه أسرته للعمل مع معلم ما، صاحب ورشة مستقلة، يتمتع بالمهارة والخبرة الطويلة، حيث يلحق الصبي للعمل بتلك الورشة بأجور زهيدة جدا، لغرض مساعدة الأسرة في الدخل ولكسب الخبرة من المعلم. وقد يستقل الصبي بعد أن يستطيع فتح ورشة لحسابه الخاص، وبذلك يصبح هو المعلم ويشرف على صبية آخرين، أو أن يستمر مع معلمه. وفي بلدان أخرى، مثل جنوب شرق آسيا، فإن العمل الحرفي هو عمل عائلي، حيث يساعد صغار السن الكبار في الصناعات اليدوية. وقد يتفق هذا الأمر مع كثير من الحرفيين العمانيين. غير أنه قد يختلف إذا تمت الاستعانة بأيد عاملة وافدة. هنا قد يعتمد الحرفي كلية على الوافد ويصبح مشرفا على العمل من بعيد. وتشير بيانات هذه الدراسة أن أكثر من نصف أفراد العينة (52.2%) لديهم مساعدين، 76% منهم عمانيين و 24% وافدين (انظر الجدول رقم 3). كما ذكرنا سابقا، أدى انتشار التعليم في السلطنة إلى الابتعاد عن العمل في الاقتصاد التقليدي مثل الصناعات الحرفية لأن العائد منها أصبح لا يرقى لتحقيق متطلبات حياة الرفاهية التي نتجت عن الطفرة النفطية في البلاد في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي، مما يعني تدني مستوى المهارات، وبالتالي إما انهيار الحرفة أو الاعتماد على اليد العاملة الوافدة. وقد تكون هناك أسباب أخرى وراء الاعتماد على العمالة الوافدة منها: رخص أجورها مقارنة بالعمالة الوطنية والتفرغ للعمل لساعات طويلة بدون تذمر أو شكوى، إضافة إلى الصبر والإخلاص. يضاف إلى ما سبق يستنتج عادل الريان في دراسة حول معوقات إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة نشرت في العدد 75 (1998) من دورية الإداري التي تصدر عن معهد الإدارة العامة أن أولئك الذين يعملون في أعمال يدوية يقبعون في أدنى السلم الاجتماعي في أي مجتمع، ويرتقي مستوى الاحترام بارتقاء المستوى الاجتماعي. فالعلماء والباحثين والأطباء ورجال البنوك يحتلون مراكز اجتماعية أعلى من الميكانيكيين، وأصحاب الصناعات الحرفية.

ومن حيث التفرغ للعمل نجد أن العمالة الوافدة متفرغة تماما للعمل، بينما 52.6% من المساعدين العمانيين غير متفرغين (الجدول رقم 4)، وهذا يعني أن هؤلاء إما أن يكونوا على مقاعد الدراسة أو أن لديهم أعمالا أخرى أكثر ربحية من صياغة الخناجر أو أنهم يريدون تحسين دخولهم الأصلية بالعمل جزئيا في هذه الصناعة. وهذا يؤكد المقولة السابقة أن العمالة الوافدة أكثر استقرارا في العمل من العمالة الوطنية، وأنها ما جاءت إلى البلاد إلا لتمضي جل وقتها في العمل، مما يعني ثقة أصحاب العمل فيها بصورة أكبر، خاصة إذا ما كانت هذه العمالة ماهرة.

جدول رقم (3) توزيع أفراد العينة بحسب وجود المساعدين

وجودالمساعدين     العدد     النسبة     عمانيون     الوافدون      
                    الجنسية    العدد    النسبة %      
نعم    12    52.2    19    هندي    4    16      
لا    11    47.8        بنجلاديشي    2    8      
المجموع    23    100        المجموع    6    24   

جدول رقم (4) توزيع المساعدين بحسب التفرغ للعمل

الحالة     الجنسية    المجموع     النسبة       
     عماني    وافد                
متفرغ    9    6    15    60      
غير متفرغ    10    ـ    10    40      
المجموع     19    6    25    100   

جدول رقم (5) توزيع المساعدين بحسب فئات السن

الفئةالعمرية     الجنسية    النسبة       
     عماني    وافد           
أقل من 20 سنة    4    0    16      
من 20 إلى 40    14    1    60      
من 41 إلى 60    1    5    24      
من61 فأكثر    0    0    0      
المجموع    25    6    100   

أما بالنسبة للتوزيع العمري للمساعدين، فنجد أن غالبية العمانيين يقعون في الفئة العمرية من  20 إلى 40 سنة، بينما الوافدون فأعمار غالبيتهم تتراوح ما بين 41 إلى 60 سنة. وهذا يتوافق مع توزيع سنوات الخبرة لكل منهم. فبينما نجد أن ما نسبته 66.7 من مجموع المساعدين الوافدين تزيد خبراتهم على العشر سنوات، فإن 47.4% من مجموع المساعدين العمانيين لا تزيد خبراتهم عن خمس سنوات (الجدول رقم 6).

جدول رقم (6) توزيع المساعدين بحسب سنوات الخبرة

الفئةالعمرية     الجنسية    النسبة       
     عماني    وافد           
أقل من  سنة    .    0    0      
من سنة إلى خمس    9    0    36      
من ست إلى عشر    10    2    48      
أكثر من عشر    .    4    16      
المجموع    19    25    100   

أنواع الخناجر:
تتعدد أنواع الخناجر ، وتختلف مسمياتها  حسب شكلها والمنطقة التي صنعت فيها، فقد ذكر أفراد العينة أنواعا مختلفة من الخناجر: فهناك الخنجر السعيدي التي ‏تنسب إلى العائلة المالكة، وهناك أيضاً النزواني الذي يتميز بكبر الحجم مقارنة بالصوري الذي تغرز ‏في قرنه مسامير صغيرة على شكل نجمة أو متوازي أضلاع، وجاء ذكر الخنجر الباطنية والسناوية والرستاقية.  والخناجر على اختلاف أنواعها تحمل سمات مشتركة، رغم أنها قد تختلف من حيث الحجم والشكل ونوع المعدن الذي يصنع منه أو يطلى به. وتتكون الخنجر العماني من الأجزاء التالية:
القرن (المقبض): ويختلف من منطقة إلى أخرى وأغلى المقابض ثمناً تلك المصنوعة من قرن ‏الزراف أو الخرتيت ، أما الصندل والرخام فهي من الخامات البديلة والرخيصة جدا لصناعة القرن. فبينما يتراوح سعر الخنجر المصنوع قرنها من الرخام أو شجر النارنج بين 40 و100 ريال نجد أن السعر يرتفع ليصل إلى 500 ريال للخنجر المصنوع قرنها من العاج وإلى سعر يتراوح بين 1000 و 1500 ريال لخنجر قرن الزراف.
النصلة (شفرة الخنجر): وتختلف من ناحية القوة والجودة، وتعد كذلك من محددات قيمة وأهمية الخنجر.
الصدر (أعلى الغمد): وهذا الجزء عادة ما يكون مزخرفاً بنقوش فضية دقيقة . ‏
القطاعة (الغمد): وهو الجزء الأكثر جاذبية في الخنجر ، ويكون مطعماً بخيوط فضية . ‏
ويمكن القول بأن قيمة الخنجر تكمن في القرن، والنصلة ، فالقطاعة ، والصدر ، ومن ثم الطوق (أسفل ‏المقبض) على التوالي. ويوضح الجدول رقم (7) توزيع أفراد العينة بحسب متوسط قيمة الخنجر، علما بأن هذا لا يعني بأن كل منهم يصنع خنجرا ذا قيمة واحدة، بل قد يصنع الواحد منهم أكثر من نوع، ويكون القرن والنصلة هما المحك الرئيسي في قياس قيمة الخنجر كما أسلفنا. ومن حيث مدة إنتاج الخنجر الواحدة فلا تتجاوز مدتها الشهر الواحد، وهذا يتضح من استجابات أفراد العينة (الجدول رقم 8)، وقد ذكر أحدهم أن صناعة الخنجر الواحدة قد لا تستغرق أكثر من أسبوع واحد. وهذا له تفسير واحد وهو أن هذا الصائغ يعتمد على أكثر من مساعد واحد، بحيث يتولى كل مساعد صناعة جانب معين من الخنجر، كأن يتولى أحدهم نقش القرن ولآخر يتولى عمل الصدر وثالث يتولى عمل القطاعة وهكذا. غير أنه ينبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أن معظم الصياغ لم يكشفوا بدقة عن المساعدين، رغم أن بعضهم ذكر لجامعي البيانات أن فلانا لديه عمالة وافدة لم يذكرها. وصار بعضهم يتضجر من أن العمالة الوافدة تعمل في الخفاء.






جدول رقم (7) توزيع أفراد العينة بحسب قيمة الخنجر

القيمة بالريال    العدد    النسبة %      
أقل من 100     2    8.7      
من 100 إلى 300    8    34.7      
من 301 إلى 500    3    13.1      
من 501 إلى 1000    6    26.1      
أكثر من 1000    4    17.4      
المجموع    23    100   

جدول رقم (8) توزيع أفراد العينة بحسب مدة الإنتاج

المدة    العدد    النسبة %      
أقل من شهر    20    87      
شهر فأكثر    3    13      
المجموع    23    100   

أما عن الأدوات التي يستخدمها الصاغة في صناعة الخناجر فحالها حال الحرف الأخرى، حيث يعتمد الحرفي على قوته العضلية ويستخدم حسه الفني في التصميم. وأهم الأدوات هي: المطرقة والسندان، المقصات، أقلام النقش، أدوات اللحام، المنشار، المثقب، الإبرة، الصمغ، الفحم، القالب.

كفاية الإنتاج
إن ثمة سؤال تطرحه هذه الدراسة هو: هل الإنتاج المحلي من الخناجر العمانية يكفي لمواجهة متطلبات السوق؟ وإذا كانت الإجابة بـ "لا" فهل يتم استيراد الخناجر من خارج السلطنة؟

توضح النتائج الميدانية لهذه الدراسة أن نسبة 95.6% من أفراد العينة ترى أن إنتاج الخناجر محليا يفي بمتطلبات السوق العمانية (الجدول رقم 9)، حيث ذكر 73.9% من الذين شملهم المسح أن إنتاجهم السنوي يصل إلى (50) خنجرا، بينما ذكرت نسبة 26.1% أن إنتاجهم السنوي يربو على (50) خنجرا (الجدول رقم 10).

جدول رقم (9) توزيع أفراد العينة
بحسب كفاية الإنتاج لمواجهة طلبات السوق

الإنتاج    العدد    النسبة %      
يكفي    22    95.6      
لا يكفي    1    4.4      
المجموع    23    100   

جدول رقم (10) توزيع أفراد العينة بحسب الإنتاج السنوي

الكمية    العدد    النسبة %      
أقل من عشر    .    .      
من عشر إلى خمسين    17    73.9      
خمسين فأكثر    6    26.1      
المجموع    23    100   
أما عن الجهات التي تطلب شراء الخنجر العمانية فهي المواطنون والسياح ثم التجار المحليين بنسبة 34.8% و 28.8% و16.7% على التوالي (الجدول رقم 12).

وعما إذا كان الخنجر العمانية تستورد أم لا فإن نسبة 26.1% ترى بأن الخنجر العمانية تستورد من الخارج (الجدول رقم 11)، وهذا يتضح في المهرجانات الطلابية حيث يتم استيراد خناجر مقلدة من كل من الإمارات العربية المتحدة، والسعودية، وسوريا، وباكستان والهند، وتايلاند. والسبب الوحيد الذي ذكره أفراد العينة وراء استيراد الخناجر المقلدة هو رخص ثمنها، والذي يعود إلى عدة أسباب ، أهمها:
1.    أنها تصنع من فضة مغشوشة أو مخلوطة مع معادن أخرى رخيصة،2.     أو أنها تصنع من الحديد الاستانلس ستيل أو الألمونيوم أو القصدير.
3.    يتم استعمال جلد صناعي بدلا من الجلد الطبيعي.
4.    تتميز بخفة وزنها مقارنة بالخنجر العمانية.
5.    يصنع القرن من الأخشاب.
6.    عدم وجود الدقة في الصنع.

جدول رقم (11)
توزيع أفراد العينة بحسب الاعتقاد باستيراد الخناجر

الاستجابة    العدد    النسبة %      
نعم    6    26.1      
لا    17    73.9      
المجموع    23    100   

جدول رقم (12) يوضح الجهات التي تطلب الخناجر

الجهة    التكرار    النسبة %      
المواطنين    23    34.8      
الوافدين والسياح    19    28.8      
التجار العمانيين    11    16.7      
الوزارات والدوائر الحكومية    8    12.1      
طلبات خارجية    5    7.6      
المجموع    66    100   

الخناجر المقلدة:
تتواجد الخناجر المقلدة بكثرة في الأسواق العمانية ، حيث يجدها المستهلك في المحلات والمعارض، وتتراوح قيمتها ما بين ريالين و خمسة ريالات بالنسبة لخناجر الصغار، وما بين 10 إلى 25 ريال بالنسبة للخناجر التي يرتديها الكبار. وتكمن المشكلة الأكبر في أن السائح قد لا يفرق بين الخنجر العماني والخنجر المقلدة فيشتري هذه على أنها تلك. وقد يعود السبب في وجود الخناجر المقلدة وبناء على القرار السلطاني رقم 6/83 فإن هناك حظراً على استيراد بعض المصنوعات المتصلة بالتراث العماني إلا بترخيص من وزارة التراث والثقافة ومنها الخناجر، غير أن شرطة عمان السلطانية ضبطت محاولات إدخال عدد من الخناجر السعيدية غير أنه لا يمكن التأكيد بعدم أعداد أخرى عن طريق التهريب، كما أن تواجد العمالة الوافدة القادرة على صناعة الخناجر المقلدة له دور آخر كبير في وجود الخناجر المقلدة، بالإضافة إلى استعداد التجار المحليين لاستقبال مثل هذه البضائع طالما أنها تدر ربحا. وفيما يتعلق بنتائج الدراسة الميدانية فإنها جاءت متفقة مع ما طرح، حيث أن نسبة 95.6% يعتقدون بوجود خناجر مقلدة في السوق العماني، وهناك نسبة عالية (73.9%) ترى أن الخنجر المقلدة لا تستورد من الخارج بل يتم تصنيعها محليا بواسطة عمالة وافدة في كل من صور ونزوى وصحم ومطرح والسيب والرستاق وسناو. (أنظر الجدولين 13 و14). أما أولئك الذين يرون أن الخنجر المقلدة يتم استيرادها من الخارج، فيذكرون بعض التأثيرات السيئة مثل تقليل جودة الصناعات العمانية من الخناجر، وبالتالي انخفاض قيمتها مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على الخناجر المصنعة محليا.

جدول رقم (13) توزيع أفراد العينة
بحسب الاعتقاد بوجود خناجر مقلدة في أسواق السلطنة

الاستجابة    العدد    النسبة %      
نعم    22    95.6      
لا    1    4.4      
المجموع    23    100   

جدول رقم (14) توزيع أفراد العينة
بحسب إمكانية استيراد لخناجر المقلدة

الاستجابة    العدد    النسبة %      
نعم    6    26.1      
لا    17    73.9      
المجموع    23    100   

التوصيات:
مما سبق يتضح أن هناك عدد من المعوقات التي تواجه الحرفيين القائمين على صناعة الخنجر العماني، اهمها:
1.    وجود العمالة الوافدة التي تعمل مستترة أو مرخصة في صناعة الخنجر،2.     وخاصة في صناعة الخناجر المقلدة،3.     ويبيعونها لتجار محليين وهؤلاء يقومون بدورهم ببيعها على أساس أنها خناجر عمانية.
4.    المنافسة الخارجية في صناعة الخنجر التي يتم استيرادها بأسعار رخيصة نظرا لانخفاض جودتها.
5.    معظم المواد التي تدخل في صناعة الخنجر يتم استيرادها من الخارج. والتي تكون محمية دوليا مثل قرون الزراف ووحيد القرن،6.     كما أن أسعار المواد تخضع لمؤشرات السوق العالمي وأسعارها تتأثر وفقا لذلك.

وحيث أن الخنجر العمانية هو شعار الدولة ورمزا لعزتها، فإنه ينبغي تكاتف الجهود الرسمية والأهلية للمحافظة عليها من العبث،  وعليه فإن هذه الدراسة توصي بالآتي:ـ
1.    منع العمالة الوافدة منعا باتا من العمل في الصناعات الحرفية العمانية بشكل عام وفي صناعة الخنجر العماني بشكل خاص.
2.    التأكد من أن هناك استيراد للخناجر من الخارج،3.     وفي هذه الحالة،4.     يمنع الاستيراد.
5.    تدريب الشباب العماني على صناعة الخنجر العمانية وذلك بإلحاق عدد منهم بالتدريب على صناعة الخنجر لدى عدد من الصاغة الذين يبدون استعدادا لذلك. على أن يتعهدوا بفتح ورش ومحلات لهم ويمكن النظر في مساعدتهم في هذا الأمر عن طريق برامج الإقراض المتوفرة في السلطنة.
6.    النظر في إعفاء الحرفيين من دفع الجمارك على المواد المستخدمة في صناعة الخنجر.
7.    التشجيع على لبس الخنجر في المناسبات.
8.    أن يتم إصدار شهادات منشأ لكل خنجر وأن تعطى رقما متسلسلا لمنع أي تقليد.
9.    أن يتم إصدار تراخيص للحرفيين بما في ذلك صناع الخناجر.
10.    توفير أماكن خاصة للحرفيين لمزاولة أعمالهم.

[نهاية الوثيقة]
/MCT/05/6

شروط المهنة في الإسلام:

شروط المهنالشرط الأول: أن تكون مباحة:
لأن الكسب المباح هو الذي يبارك للإنسان فيه، قال e ( من يأخذ مالاً بحقِّه يبارَك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع )
ولأن المباح هو الطيب الذي أباحه الله لنا بقوله سبحانه ] يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [ (المائدة:4 ) وجاءت شريعة النبي e داعيةً إلى الاكتساب منه ] يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [ (الأعراف:157) فكل حلال طيِّب، قال سبحانه ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً [ (البقرة:168 ) والعمل في الحرام عملٌ في الخبائث، وقد حرَّم الله تعالى الخبائث بقوله سبحانه ] وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ ( الأعراف : الآية 157 )
ولأن المباح لا يلحق العامل فيه الإثم، بل بالعكس من ذلك يناله الأجر إن نوى فيه النية الصالحة كما تقدم في أول الكتاب.
وعكس الطيب الخبيث، وعكس المباح الحرام، فيشترط في الوظيفة أن تخلو من الحرام والخبيث، فلا يجوز العمل بالربا مثلاً؛ لأنه محرم بقوله سبحانه ] يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا [ (البقرة:276) ولا يجوز اكتساب المال بالغشّ كالتطفيف في الكيل، قال سبحانه ] وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [ ( المطففين: 1 - 3)
وكان عبدالله بن أُبيّ بن سلول –زعيم المنافقين- يستغل جاريتين يعملان عنده في اكتساب المال بالزنا قبل الإسلام، فلما أسلمتا تأثَّمتا من ذلك، فأجبرهما، فأنزل الله تعالى فيه وفيهما ] وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (النور: 33 ) أي غفورٌ رحيم لهنّ لا له.
ولقوله e ( إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به )
وعن أنس t: ( أن رسول الله e لعن في الخمرة عشرة: عاصرها، والمعصورة له، وشاربها، وساقيها، والمسقى له، وحاملها، والمحمولة له، والمشتري، والمشترى له، وآكل ثمنها.)
وعن جابر بن عبد الله t: ( لعن رسول الله e آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال" هم سواء". )  ، وعن أبي جحيفة t : ( نهى رسول الله e عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغيّ.)  ، وما تقدم نماذج من الكسب الخبيث، يقاس عليها غيرها من المحرمات.
ولأن العمل وسيلة للكسب والمعيشة، والمعيشة وسيلة لعبادة الله تعالى، والغاية لا تبرر الوسيلة، فإذا كانت الغاية من الخلق هي العبادة، فيجب أن تكون وسيلتها مباحة، لا أن يكتسب الإنسان من الحرام ثم يتصدق به، ويبني به المساجد! قال النبي e ( إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [ (المؤمنون:51 ) وقال ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [ (البقرة:172 ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟!)
ويمكن أن تكون الوظيفة مشتملةً على الحلال والحرام، من خلال رأس مالها، أو بعض أنشطتها، وفي هذه الحالة تكون مشتبهة، والعمل فيها مكروه، لقوله e ( إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه )
والتحريم يتناول جهة النشاط، أو جهة مصدر الدخل، أو جهة مخالفة الأنظمة ...
ومثال ذلك في النشاط التجاري: أن يكون العمل قائماً على نشر المعاملات الربوية، أو صناعة الخمر، أو الأصنام، أو تصوير مفاتن النساء أمام الرجال الأجانب ونحو ذلك، فهذه الأعمال محرمةٌ شرعاً، وما ينبني عليها من أجورٍ محرمٌ أيضاً؛ لأن الله تعالى إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، ولأن ما يبنى على الباطل فهو باطل. قال e ( لعن الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم، فجملوها ( أذابوها ) فباعوها ) 
ومثال ذلك في مصدر الدخل: أن يكون كل رأس مال العمل ربوياً، أو نتيجة تقديم خدمات محرَّمة، أو تأجير مباني للأنشطة المحرمة شرعاً.
ومثال ذلك في مخالفة الأنظمة: أن يكون العمل المطلوب من الموظف يتضمن دفع رشوة، أو إنتاج أو بيع مواد مخالفة للنظام، كالمنتجات المغشوشة، أو الموادّ الممنوعة صحياً، أو خلُقياً.

الشرط الثاني: أن تكون نافعة:
فالهدف من الوظيفة أن ينفع الإنسان نفسه، ومجتمعه، وبلده، وإخوانه المسلمين، قال e (على كل مسلم صدقة) قالوا: فإن لم يجد؟ قال( يعمل بيده فيتصدق)
والنفع أبوابٌ كثيرة؛ منها الاجتماعي، والاقتصادي، والأخلاقي، ولا خير في وظيفة لا نفع فيها، فضلاً عن كونها ضارّة؛ فإن وقت الإنسان نفيس، فليس من الحكمة تضييعه في عملٍ لا فائدة فيه، قال الله سبحانه ]وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [ (الكهف:28) فالكافر أمره فرط لا هدف له في حياته، أما المؤمن فلا يضيع دقيقةً من وقته لا يستفيد منها، كما قيل :
والوقتُ أنفسُ ما عُنِيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
وإذا كان الأمر كذلك فكيف يرضى المسلم أن يعمل في وظيفةٍ لمدة ثماني ساعات خمسة أيام في الأسبوع = 6 أيام في الشهر = 72 يوماً في السنة = أي أن يستنفد من عمره شهرين ونصف سنوياً دون فائدة تعود للمجتمع !! فضلاً عن أن تكون ضارةً له وللبشرية.
والضرر هنا يشمل الضرر المعنوي والأخلاقي والحسِّي؛ فالضرر المعنوي هو الإضرار بعقيدة الإنسان وفكره، كإنتاج أفلامٍ أو إصدارات إلكترونية تشكك في العقيدة الإسلامية، أو تنشر الإلحاد أو النصرانية، أو طباعة الكتب التي تتناول ذلك.
والضرر الأخلاقي هو إفساد أخلاق المجتمع كشركات الإعلام الفاضحة، وإشاعة العري، ومواقع الانترنت الإباحية، ونحو ذلك.
والضرر الحسِّي هو الإضرار بالجسد والصحة، مثل تأسيس شركات التدخين أو الخمور والعمل فيها، أو زراعة المخدرات أو تصنيعها، أو صناعة المنتجات الضارة بالصحة كالأدوية المقلَّدة والمغشوشة، أو تسويق وإنتاج الموادّ الغذائية النباتية والحيوانية المطعّمة بالكيماويات الضارَّة أو المتغذِّية بها.
فإذا تضمنت الوظيفة ضرراً متيقَّناً على النفس، أو المجتمع، أو البلد، حرُمت؛ لأن الضرر منصوصٌ على تحريمه في الشرع، في قوله e ( لا ضرر ولا ضرار )  ،وقوله e ( من ضارّ ضارّ الله به)
وكيف يرضى المسلم أن يستفيد هو على حساب غيره ؟ وإذا كان كل واحدٍ منا لا يقبل الضرر على نفسه من الآخرين، فكذلك ينبغي أن ينظر إلى ما ينتج عن الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها، هل فيها إضرارٌ بالآخرين أم لا. فإن النبي e قال( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأته منيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يأتوه)
وقد يقال إن هذه الأعمال فيها فائدة لبعض الناس من ناحية تجارية أو ترفيهية، والجواب: أن العبرة بالغالب، فقد حرَّم الله تعالى الخمر مع أن فيها منافع للناس؛ قال سبحانه ]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [ (البقرة:219)
و نهى الله عن تشغيل النساء والفتيات في البغاء والدعارة مع أن فيها مصلحة تجارية؛ قال عز وجل ]وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [(النور:33)
وكلّ الشركات الربحية فيها منافع اقتصادية لأفراد أو فئات أو دول، ولكن إذا كانت المنافع الاقتصادية والتجارية تتعارض مع المبادئ والقيم فإنها تبطل، وهو ما يعرف شرعاً بالمصالح الملغاة، فالحفاظ على النفوس مصلحة مقصودة ولكنها تلغى في الجهاد في سبيل الله من أجل نشر الدين الذي هو أهم من النفوس، وبناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة ولكنها أُلغيَت في أول الإسلام لأنها تتعارض مع ما هو أهمّ منها وهو عدم فتنة الكفار وحديثي الإسلام عن الدين.

الشرط الثالث: ألا تستلزم خلوةً بين الرجل والمرأة:
حرصاً من الشريعة الإسلامية على الحفاظ على الأعراض والأنساب والعفاف شُرِع غضّ البصر، وعدم سفر المرأة وحدها دون محرم، وعدم تبرُّج المرأة أمام الرجال، وعدم الخلوة بين الرجل والمرأة، لقوله عليه السلام ( لا يخلونّ رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان )  وسبب هذا أن الخلوة وسيلةٌ للاتصال المحرم بينهما، والوسائل لها أحكام المقاصد والغايات.
وأماكن العمل من المظانّ التي يكثر فيها الاختلاط بين الجنسين كالمستشفيات، لذا فإن المسلم يحرص على التورُّع عن الخلوة المحرَّمة منعاً للفتنة، وسدّاً للذريعة، وحفاظاً على العفة والسُّمعة، ودرءاً لإساءة الظن.
ومن الأضرار التي يمكن حصولها بالاختلاط بين الجنسين في العمل:
التساهل في النظر بينهما وصعوبة غض البصر
التساهل في الحديث والتبسُّط والتبسُّم والضحك والممازحة وربما اللمس.
التساهل في الخلوة
التزيُّن من كلٍّ منهما للآخر
الاطلاع على العورات غير المقصود
انشغال الذهن عن العمل
فإذا كان ذلك في الاختلاط ففي الخلوة من باب أولى.
وفصل الرجال عن النساء في العمل والدراسة مطلبٌ لا تنفرد به الدول الإسلامية، بل تطالب به النسوة في الدول العلمانية أيضاً من باب الخصوصيَّة، والجديَّة في العمل، ومنع التحرُّشات والمضايقات:
ففي مجال التنقل للعمل: نشرت وكالات الأنباء التالي: قال "جوبرت فلوريس"، المتحدث باسم شبكة قطارات ريو دى جانيرو "مترو ريو" إن ريو دى جانيرو، وهى من أكبر مدن البرازيل خصصت عربات "للنساء فقط" بشبكة قطارات المدينة وفى شبكة القطارات الاقليمية لحماية الركاب الاناث من التحرش الجنسي.
وتشكو النساء بالمدينة بصورة متزايدة من تعرضهن للاحتكاك الجسدى بالرجال فى العربات المكتظة.
والخبر الثاني من نيودلهي – وكالات الأنباء الألمانية: بدأت شركة الخطوط الشمالية للسكك الحديدية بالهند فى تخصيص عدد من عربات القطارات للنساء فقط.
وقامت الشركة بطلاء العربات المخصصة للنساء باللون الاحمر وكتبت عليها من الخارج كلمة "سيدات " باللغة الهندية اضافة الى وضع صورة لسيدة على مدخل كل عربة.
واوضح بى كيه جويل المدير الاقليمى للشركة ان هذا الاجراء اتخذ لتجنيب السيدات اللاتى يسافرن بمفردهن التعرض لاى مضايقات أو ملاحظات غير لائقة.
والخبر الثالث: قال متحدث باسم شركة كيو إلكتريك اليابانية:‏ إن شركته تلقت في العام ‏1999 مئات الشكاوي من السيدات تتركز حول تعرضهن لتحرشات‏، فضلا عن مئات أخري يخشى أصحابها من الإبلاغ عنها‏، مما جعلها تعلن عن عزمها تخصيص عربات منفصلة‏ للسيدات (فقط) في الأوقات المتأخرة من الليل بخطوطها التي تخدم المناطق الغربية من العاصمة‏ خلال فترة إجازات بداية العام الجديد‏.‏
ويذكر أن التحرشات الجنسية بمترو الأنفاق والقطارات تعد أخطر مشكلة تواجه السيدات في اليابان‏، لدرجة أنه تقرر تخصيص شرطة نسائية في المحطات الكبرى لتلقي الشكاوي فيها واعتقال مرتكبيها!
وقد يقال: إن هذه الأخبار لا تدل على المضايقات في العمل، ولكن الواقع أن هذه المشكلات وقعت بسبب خروج المرأة لعملها يومياً بالقطار.
أما في التعليم: فقد أوضح مسئول كبير في البيت الأبيض أن الإدارة تشجع العودة إلى عدم الاختلاط بين البنين والبنات في المدارس العامة في إطار إصلاح التربية, كما أوضح أن المدارس التي تود الفصل بين البنين والبنات ستمنح تمويلاًُ يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
وقال أحد رجال القانون المتخصصين في النظام التربوي بالولايات المتحدة: أن العديد من الدراسات التي أجريت بمساهمة طلاب وطالبات أظهرت أنه في بعض مراحل نموهم,ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين.
وفي تجربة قادتها مسؤولة أمريكية عن فصل البنات عن البنين في المدارس الثانوية جاء على لسانها أنه بعد عامين من التجربة أثبت التطبيق الواسع لهذا النظام أن الطالبة في الفصول المتماثلة أكثر قدرة على التفكير وأسرع استجابة لتقبل المعلومة و أكثر تركيزاً واستيعاباً للمادة بدلاً من الانشغال الذهني بزميلها المجاور.

وأحبّ أن أشير هنا إلى أن منع الاختلاط والخلوة لا يعني أن لا تعمل المرأة عملاً تكتسب به ، فالنساء كنّ يبعن ويشترين على عهد النبيe دون إنكار منه.
ويعجب المرء من بعض الأنظمة الدولية التي تقول: إن الفصل المهني بين الجنسين ليس ضاراً بالمرأة فحسب، بل هو أيضاً مصدر رئيسي لفقدان الكفاءة الاقتصادية.
ويتساءل المرء: كيف تحققت الكفاءة الاقتصادية إذاً في المجتمعات الإسلامية الأولى ؟ بل كيف تحققت في المملكة العربية السعودية مع وجود الفصل بين الجنسين ؟ وكيف غابت الكفاءة الاقتصادية مع عدم وجود الفصل بين الجنسين في كثيرٍ من الدول ؟! ومنها الدول الأكثر فقراً في العالَم.

الشرط الرابع: الوفاء بالعقد:
لقوله سبحانه ] يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود[ (المائدة:1)، وقوله عز وجل] وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا[ (???????:34) وقولهe  ( المؤمنون عند شروطهم ) ، ما لم يتضمن العقد محرماً، فإنه لا يجوز حينئذ الالتزام به، لقولهe (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط) .
ومن الوفاء بالعقد توفية الأجير أجره تاماً حسب الاتفاق، لقوله عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجلٌ أعطى بي ثم غدر ، ورجلٌ باع حراً فأكل ثمنه ، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطِه أجره ) 
فلا يجوز تأخير إعطاء العامل أجره الذي كان ينتظره طويلاً، بل الواجب إعطاءه الأجر بمجرد انتهائه من عمله، أو في الوقت المتفق عليه بينه وبين رب العمل، قال سبحانه يحكي قول ابنة الرجل الصالح ] إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [ ( القصص : 25 ) ، وقال تعالى عن موسى والخضر]  فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [ (الكهف : 77) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه )  ، وقال e ( مطل الغنيّ ظلم )  ، وقال ( ليُّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته )  والليّ هو المطل – أي التأخير -،
وقد اشتهرت كثيرٌ من الحالات التي أخَّر فيها أرباب الأعمال أجور عمالهم، فأدى ذلك إلى كثرة الجريمة من قبل العمالة الوافدة، والعمل غير النظامي في غير أوقات العمل لتغطية النفقات الشخصية للعامل، والاعتداء على بعض أصحاب الأعمال، والشكاوى في مكاتب العمل تغصّ بذلك، وهو ظلم لا يرضاه الله تعالى ولا المؤمنون، ويجب معاقبة كل من يظلم عباد الله، ويفتح باب الجريمة والفساد في المجتمع بطريقةٍ غير مباشرة، ويخالف نظام العمل الموضوع من قبل الدولة.
وبعكس ذلك في الجانب الإيجابي توجد فئةٌ من أصحاب الأعمال يحسنون إلى العامل فيعطونه أجره قبل انتهاء المدة، أو ينمُّونه له، أو يعطونه أجراً إضافياً إذا رأوا نشاطه، وذلك من الإحسان إلى عباد الله، قال سبحانه ]وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ (البقرة:195 ) ولنتأمل أمانة ذلك الرجل الذي استأجر أجيراً ثم ذهب الأجير دون أخذ أجرته، فماذا فعل رب المال ؟ نماه له حتى جاء وطلبه ! وذلك في حادثة النفر الثلاثة – المشهورة – الذين آواهم المبيت إلى غار، ثم تدحرجت صخرة فسدَّت عليهم الغار ، فتوسلوا إلى الله بأفضل أعمالهم.
قال e ( قال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله ، أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجلك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبدالله، لا تستهزئ بي. فقلت : إني لا أستهزئ بك. فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً . اللهم فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون ) 
ة في الإسلام:

شروط المهنة في الإسلام:

شروط المهنة فالشرط الأول: أن تكون مباحة:
لأن الكسب المباح هو الذي يبارك للإنسان فيه، قال e ( من يأخذ مالاً بحقِّه يبارَك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع )
ولأن المباح هو الطيب الذي أباحه الله لنا بقوله سبحانه ] يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [ (المائدة:4 ) وجاءت شريعة النبي e داعيةً إلى الاكتساب منه ] يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [ (الأعراف:157) فكل حلال طيِّب، قال سبحانه ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً [ (البقرة:168 ) والعمل في الحرام عملٌ في الخبائث، وقد حرَّم الله تعالى الخبائث بقوله سبحانه ] وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ ( الأعراف : الآية 157 )
ولأن المباح لا يلحق العامل فيه الإثم، بل بالعكس من ذلك يناله الأجر إن نوى فيه النية الصالحة كما تقدم في أول الكتاب.
وعكس الطيب الخبيث، وعكس المباح الحرام، فيشترط في الوظيفة أن تخلو من الحرام والخبيث، فلا يجوز العمل بالربا مثلاً؛ لأنه محرم بقوله سبحانه ] يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا [ (البقرة:276) ولا يجوز اكتساب المال بالغشّ كالتطفيف في الكيل، قال سبحانه ] وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [ ( المطففين: 1 - 3)
وكان عبدالله بن أُبيّ بن سلول –زعيم المنافقين- يستغل جاريتين يعملان عنده في اكتساب المال بالزنا قبل الإسلام، فلما أسلمتا تأثَّمتا من ذلك، فأجبرهما، فأنزل الله تعالى فيه وفيهما ] وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (النور: 33 ) أي غفورٌ رحيم لهنّ لا له.
ولقوله e ( إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به )
وعن أنس t: ( أن رسول الله e لعن في الخمرة عشرة: عاصرها، والمعصورة له، وشاربها، وساقيها، والمسقى له، وحاملها، والمحمولة له، والمشتري، والمشترى له، وآكل ثمنها.)
وعن جابر بن عبد الله t: ( لعن رسول الله e آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال" هم سواء". )  ، وعن أبي جحيفة t : ( نهى رسول الله e عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغيّ.)  ، وما تقدم نماذج من الكسب الخبيث، يقاس عليها غيرها من المحرمات.
ولأن العمل وسيلة للكسب والمعيشة، والمعيشة وسيلة لعبادة الله تعالى، والغاية لا تبرر الوسيلة، فإذا كانت الغاية من الخلق هي العبادة، فيجب أن تكون وسيلتها مباحة، لا أن يكتسب الإنسان من الحرام ثم يتصدق به، ويبني به المساجد! قال النبي e ( إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [ (المؤمنون:51 ) وقال ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [ (البقرة:172 ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟!)
ويمكن أن تكون الوظيفة مشتملةً على الحلال والحرام، من خلال رأس مالها، أو بعض أنشطتها، وفي هذه الحالة تكون مشتبهة، والعمل فيها مكروه، لقوله e ( إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه )
والتحريم يتناول جهة النشاط، أو جهة مصدر الدخل، أو جهة مخالفة الأنظمة ...
ومثال ذلك في النشاط التجاري: أن يكون العمل قائماً على نشر المعاملات الربوية، أو صناعة الخمر، أو الأصنام، أو تصوير مفاتن النساء أمام الرجال الأجانب ونحو ذلك، فهذه الأعمال محرمةٌ شرعاً، وما ينبني عليها من أجورٍ محرمٌ أيضاً؛ لأن الله تعالى إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، ولأن ما يبنى على الباطل فهو باطل. قال e ( لعن الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم، فجملوها ( أذابوها ) فباعوها ) 
ومثال ذلك في مصدر الدخل: أن يكون كل رأس مال العمل ربوياً، أو نتيجة تقديم خدمات محرَّمة، أو تأجير مباني للأنشطة المحرمة شرعاً.
ومثال ذلك في مخالفة الأنظمة: أن يكون العمل المطلوب من الموظف يتضمن دفع رشوة، أو إنتاج أو بيع مواد مخالفة للنظام، كالمنتجات المغشوشة، أو الموادّ الممنوعة صحياً، أو خلُقياً.

الشرط الثاني: أن تكون نافعة:
فالهدف من الوظيفة أن ينفع الإنسان نفسه، ومجتمعه، وبلده، وإخوانه المسلمين، قال e (على كل مسلم صدقة) قالوا: فإن لم يجد؟ قال( يعمل بيده فيتصدق)
والنفع أبوابٌ كثيرة؛ منها الاجتماعي، والاقتصادي، والأخلاقي، ولا خير في وظيفة لا نفع فيها، فضلاً عن كونها ضارّة؛ فإن وقت الإنسان نفيس، فليس من الحكمة تضييعه في عملٍ لا فائدة فيه، قال الله سبحانه ]وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [ (الكهف:28) فالكافر أمره فرط لا هدف له في حياته، أما المؤمن فلا يضيع دقيقةً من وقته لا يستفيد منها، كما قيل :
والوقتُ أنفسُ ما عُنِيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
وإذا كان الأمر كذلك فكيف يرضى المسلم أن يعمل في وظيفةٍ لمدة ثماني ساعات خمسة أيام في الأسبوع = 6 أيام في الشهر = 72 يوماً في السنة = أي أن يستنفد من عمره شهرين ونصف سنوياً دون فائدة تعود للمجتمع !! فضلاً عن أن تكون ضارةً له وللبشرية.
والضرر هنا يشمل الضرر المعنوي والأخلاقي والحسِّي؛ فالضرر المعنوي هو الإضرار بعقيدة الإنسان وفكره، كإنتاج أفلامٍ أو إصدارات إلكترونية تشكك في العقيدة الإسلامية، أو تنشر الإلحاد أو النصرانية، أو طباعة الكتب التي تتناول ذلك.
والضرر الأخلاقي هو إفساد أخلاق المجتمع كشركات الإعلام الفاضحة، وإشاعة العري، ومواقع الانترنت الإباحية، ونحو ذلك.
والضرر الحسِّي هو الإضرار بالجسد والصحة، مثل تأسيس شركات التدخين أو الخمور والعمل فيها، أو زراعة المخدرات أو تصنيعها، أو صناعة المنتجات الضارة بالصحة كالأدوية المقلَّدة والمغشوشة، أو تسويق وإنتاج الموادّ الغذائية النباتية والحيوانية المطعّمة بالكيماويات الضارَّة أو المتغذِّية بها.
فإذا تضمنت الوظيفة ضرراً متيقَّناً على النفس، أو المجتمع، أو البلد، حرُمت؛ لأن الضرر منصوصٌ على تحريمه في الشرع، في قوله e ( لا ضرر ولا ضرار )  ،وقوله e ( من ضارّ ضارّ الله به)
وكيف يرضى المسلم أن يستفيد هو على حساب غيره ؟ وإذا كان كل واحدٍ منا لا يقبل الضرر على نفسه من الآخرين، فكذلك ينبغي أن ينظر إلى ما ينتج عن الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها، هل فيها إضرارٌ بالآخرين أم لا. فإن النبي e قال( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأته منيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يأتوه)
وقد يقال إن هذه الأعمال فيها فائدة لبعض الناس من ناحية تجارية أو ترفيهية، والجواب: أن العبرة بالغالب، فقد حرَّم الله تعالى الخمر مع أن فيها منافع للناس؛ قال سبحانه ]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [ (البقرة:219)
و نهى الله عن تشغيل النساء والفتيات في البغاء والدعارة مع أن فيها مصلحة تجارية؛ قال عز وجل ]وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [(النور:33)
وكلّ الشركات الربحية فيها منافع اقتصادية لأفراد أو فئات أو دول، ولكن إذا كانت المنافع الاقتصادية والتجارية تتعارض مع المبادئ والقيم فإنها تبطل، وهو ما يعرف شرعاً بالمصالح الملغاة، فالحفاظ على النفوس مصلحة مقصودة ولكنها تلغى في الجهاد في سبيل الله من أجل نشر الدين الذي هو أهم من النفوس، وبناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة ولكنها أُلغيَت في أول الإسلام لأنها تتعارض مع ما هو أهمّ منها وهو عدم فتنة الكفار وحديثي الإسلام عن الدين.

الشرط الثالث: ألا تستلزم خلوةً بين الرجل والمرأة:
حرصاً من الشريعة الإسلامية على الحفاظ على الأعراض والأنساب والعفاف شُرِع غضّ البصر، وعدم سفر المرأة وحدها دون محرم، وعدم تبرُّج المرأة أمام الرجال، وعدم الخلوة بين الرجل والمرأة، لقوله عليه السلام ( لا يخلونّ رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان )  وسبب هذا أن الخلوة وسيلةٌ للاتصال المحرم بينهما، والوسائل لها أحكام المقاصد والغايات.
وأماكن العمل من المظانّ التي يكثر فيها الاختلاط بين الجنسين كالمستشفيات، لذا فإن المسلم يحرص على التورُّع عن الخلوة المحرَّمة منعاً للفتنة، وسدّاً للذريعة، وحفاظاً على العفة والسُّمعة، ودرءاً لإساءة الظن.
ومن الأضرار التي يمكن حصولها بالاختلاط بين الجنسين في العمل:
التساهل في النظر بينهما وصعوبة غض البصر
التساهل في الحديث والتبسُّط والتبسُّم والضحك والممازحة وربما اللمس.
التساهل في الخلوة
التزيُّن من كلٍّ منهما للآخر
الاطلاع على العورات غير المقصود
انشغال الذهن عن العمل
فإذا كان ذلك في الاختلاط ففي الخلوة من باب أولى.
وفصل الرجال عن النساء في العمل والدراسة مطلبٌ لا تنفرد به الدول الإسلامية، بل تطالب به النسوة في الدول العلمانية أيضاً من باب الخصوصيَّة، والجديَّة في العمل، ومنع التحرُّشات والمضايقات:
ففي مجال التنقل للعمل: نشرت وكالات الأنباء التالي: قال "جوبرت فلوريس"، المتحدث باسم شبكة قطارات ريو دى جانيرو "مترو ريو" إن ريو دى جانيرو، وهى من أكبر مدن البرازيل خصصت عربات "للنساء فقط" بشبكة قطارات المدينة وفى شبكة القطارات الاقليمية لحماية الركاب الاناث من التحرش الجنسي.
وتشكو النساء بالمدينة بصورة متزايدة من تعرضهن للاحتكاك الجسدى بالرجال فى العربات المكتظة.
والخبر الثاني من نيودلهي – وكالات الأنباء الألمانية: بدأت شركة الخطوط الشمالية للسكك الحديدية بالهند فى تخصيص عدد من عربات القطارات للنساء فقط.
وقامت الشركة بطلاء العربات المخصصة للنساء باللون الاحمر وكتبت عليها من الخارج كلمة "سيدات " باللغة الهندية اضافة الى وضع صورة لسيدة على مدخل كل عربة.
واوضح بى كيه جويل المدير الاقليمى للشركة ان هذا الاجراء اتخذ لتجنيب السيدات اللاتى يسافرن بمفردهن التعرض لاى مضايقات أو ملاحظات غير لائقة.
والخبر الثالث: قال متحدث باسم شركة كيو إلكتريك اليابانية:‏ إن شركته تلقت في العام ‏1999 مئات الشكاوي من السيدات تتركز حول تعرضهن لتحرشات‏، فضلا عن مئات أخري يخشى أصحابها من الإبلاغ عنها‏، مما جعلها تعلن عن عزمها تخصيص عربات منفصلة‏ للسيدات (فقط) في الأوقات المتأخرة من الليل بخطوطها التي تخدم المناطق الغربية من العاصمة‏ خلال فترة إجازات بداية العام الجديد‏.‏
ويذكر أن التحرشات الجنسية بمترو الأنفاق والقطارات تعد أخطر مشكلة تواجه السيدات في اليابان‏، لدرجة أنه تقرر تخصيص شرطة نسائية في المحطات الكبرى لتلقي الشكاوي فيها واعتقال مرتكبيها!
وقد يقال: إن هذه الأخبار لا تدل على المضايقات في العمل، ولكن الواقع أن هذه المشكلات وقعت بسبب خروج المرأة لعملها يومياً بالقطار.
أما في التعليم: فقد أوضح مسئول كبير في البيت الأبيض أن الإدارة تشجع العودة إلى عدم الاختلاط بين البنين والبنات في المدارس العامة في إطار إصلاح التربية, كما أوضح أن المدارس التي تود الفصل بين البنين والبنات ستمنح تمويلاًُ يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
وقال أحد رجال القانون المتخصصين في النظام التربوي بالولايات المتحدة: أن العديد من الدراسات التي أجريت بمساهمة طلاب وطالبات أظهرت أنه في بعض مراحل نموهم,ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين.
وفي تجربة قادتها مسؤولة أمريكية عن فصل البنات عن البنين في المدارس الثانوية جاء على لسانها أنه بعد عامين من التجربة أثبت التطبيق الواسع لهذا النظام أن الطالبة في الفصول المتماثلة أكثر قدرة على التفكير وأسرع استجابة لتقبل المعلومة و أكثر تركيزاً واستيعاباً للمادة بدلاً من الانشغال الذهني بزميلها المجاور.

وأحبّ أن أشير هنا إلى أن منع الاختلاط والخلوة لا يعني أن لا تعمل المرأة عملاً تكتسب به ، فالنساء كنّ يبعن ويشترين على عهد النبيe دون إنكار منه.
ويعجب المرء من بعض الأنظمة الدولية التي تقول: إن الفصل المهني بين الجنسين ليس ضاراً بالمرأة فحسب، بل هو أيضاً مصدر رئيسي لفقدان الكفاءة الاقتصادية.
ويتساءل المرء: كيف تحققت الكفاءة الاقتصادية إذاً في المجتمعات الإسلامية الأولى ؟ بل كيف تحققت في المملكة العربية السعودية مع وجود الفصل بين الجنسين ؟ وكيف غابت الكفاءة الاقتصادية مع عدم وجود الفصل بين الجنسين في كثيرٍ من الدول ؟! ومنها الدول الأكثر فقراً في العالَم.

الشرط الرابع: الوفاء بالعقد:
لقوله سبحانه ] يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود[ (المائدة:1)، وقوله عز وجل] وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا[ (???????:34) وقولهe  ( المؤمنون عند شروطهم ) ، ما لم يتضمن العقد محرماً، فإنه لا يجوز حينئذ الالتزام به، لقولهe (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط) .
ومن الوفاء بالعقد توفية الأجير أجره تاماً حسب الاتفاق، لقوله عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجلٌ أعطى بي ثم غدر ، ورجلٌ باع حراً فأكل ثمنه ، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطِه أجره ) 
فلا يجوز تأخير إعطاء العامل أجره الذي كان ينتظره طويلاً، بل الواجب إعطاءه الأجر بمجرد انتهائه من عمله، أو في الوقت المتفق عليه بينه وبين رب العمل، قال سبحانه يحكي قول ابنة الرجل الصالح ] إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [ ( القصص : 25 ) ، وقال تعالى عن موسى والخضر]  فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [ (الكهف : 77) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه )  ، وقال e ( مطل الغنيّ ظلم )  ، وقال ( ليُّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته )  والليّ هو المطل – أي التأخير -،
وقد اشتهرت كثيرٌ من الحالات التي أخَّر فيها أرباب الأعمال أجور عمالهم، فأدى ذلك إلى كثرة الجريمة من قبل العمالة الوافدة، والعمل غير النظامي في غير أوقات العمل لتغطية النفقات الشخصية للعامل، والاعتداء على بعض أصحاب الأعمال، والشكاوى في مكاتب العمل تغصّ بذلك، وهو ظلم لا يرضاه الله تعالى ولا المؤمنون، ويجب معاقبة كل من يظلم عباد الله، ويفتح باب الجريمة والفساد في المجتمع بطريقةٍ غير مباشرة، ويخالف نظام العمل الموضوع من قبل الدولة.
وبعكس ذلك في الجانب الإيجابي توجد فئةٌ من أصحاب الأعمال يحسنون إلى العامل فيعطونه أجره قبل انتهاء المدة، أو ينمُّونه له، أو يعطونه أجراً إضافياً إذا رأوا نشاطه، وذلك من الإحسان إلى عباد الله، قال سبحانه ]وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ (البقرة:195 ) ولنتأمل أمانة ذلك الرجل الذي استأجر أجيراً ثم ذهب الأجير دون أخذ أجرته، فماذا فعل رب المال ؟ نماه له حتى جاء وطلبه ! وذلك في حادثة النفر الثلاثة – المشهورة – الذين آواهم المبيت إلى غار، ثم تدحرجت صخرة فسدَّت عليهم الغار ، فتوسلوا إلى الله بأفضل أعمالهم.
قال e ( قال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله ، أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجلك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبدالله، لا تستهزئ بي. فقلت : إني لا أستهزئ بك. فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً . اللهم فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون ) 
ي الإسلام:

الشرط الأتكون مباحةول: أن

الشرط الأتكون مبلأن الكسب المباح هو الذي يبارك للإنسان فيه، قال e ( من يأخذ مالاً بحقِّه يبارَك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع )
ولأن المباح هو الطيب الذي أباحه الله لنا بقوله سبحانه ] يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [ (المائدة:4 ) وجاءت شريعة النبي e داعيةً إلى الاكتساب منه ] يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [ (الأعراف:157) فكل حلال طيِّب، قال سبحانه ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً [ (البقرة:168 ) والعمل في الحرام عملٌ في الخبائث، وقد حرَّم الله تعالى الخبائث بقوله سبحانه ] وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ ( الأعراف : الآية 157 )
ولأن المباح لا يلحق العامل فيه الإثم، بل بالعكس من ذلك يناله الأجر إن نوى فيه النية الصالحة كما تقدم في أول الكتاب.
وعكس الطيب الخبيث، وعكس المباح الحرام، فيشترط في الوظيفة أن تخلو من الحرام والخبيث، فلا يجوز العمل بالربا مثلاً؛ لأنه محرم بقوله سبحانه ] يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا [ (البقرة:276) ولا يجوز اكتساب المال بالغشّ كالتطفيف في الكيل، قال سبحانه ] وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [ ( المطففين: 1 - 3)
وكان عبدالله بن أُبيّ بن سلول –زعيم المنافقين- يستغل جاريتين يعملان عنده في اكتساب المال بالزنا قبل الإسلام، فلما أسلمتا تأثَّمتا من ذلك، فأجبرهما، فأنزل الله تعالى فيه وفيهما ] وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (النور: 33 ) أي غفورٌ رحيم لهنّ لا له.
ولقوله e ( إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به )
وعن أنس t: ( أن رسول الله e لعن في الخمرة عشرة: عاصرها، والمعصورة له، وشاربها، وساقيها، والمسقى له، وحاملها، والمحمولة له، والمشتري، والمشترى له، وآكل ثمنها.)
وعن جابر بن عبد الله t: ( لعن رسول الله e آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال" هم سواء". )  ، وعن أبي جحيفة t : ( نهى رسول الله e عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغيّ.)  ، وما تقدم نماذج من الكسب الخبيث، يقاس عليها غيرها من المحرمات.
ولأن العمل وسيلة للكسب والمعيشة، والمعيشة وسيلة لعبادة الله تعالى، والغاية لا تبرر الوسيلة، فإذا كانت الغاية من الخلق هي العبادة، فيجب أن تكون وسيلتها مباحة، لا أن يكتسب الإنسان من الحرام ثم يتصدق به، ويبني به المساجد! قال النبي e ( إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [ (المؤمنون:51 ) وقال ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [ (البقرة:172 ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟!)
ويمكن أن تكون الوظيفة مشتملةً على الحلال والحرام، من خلال رأس مالها، أو بعض أنشطتها، وفي هذه الحالة تكون مشتبهة، والعمل فيها مكروه، لقوله e ( إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه )
والتحريم يتناول جهة النشاط، أو جهة مصدر الدخل، أو جهة مخالفة الأنظمة ...
ومثال ذلك في النشاط التجاري: أن يكون العمل قائماً على نشر المعاملات الربوية، أو صناعة الخمر، أو الأصنام، أو تصوير مفاتن النساء أمام الرجال الأجانب ونحو ذلك، فهذه الأعمال محرمةٌ شرعاً، وما ينبني عليها من أجورٍ محرمٌ أيضاً؛ لأن الله تعالى إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، ولأن ما يبنى على الباطل فهو باطل. قال e ( لعن الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم، فجملوها ( أذابوها ) فباعوها ) 
ومثال ذلك في مصدر الدخل: أن يكون كل رأس مال العمل ربوياً، أو نتيجة تقديم خدمات محرَّمة، أو تأجير مباني للأنشطة المحرمة شرعاً.
ومثال ذلك في مخالفة الأنظمة: أن يكون العمل المطلوب من الموظف يتضمن دفع رشوة، أو إنتاج أو بيع مواد مخالفة للنظام، كالمنتجات المغشوشة، أو الموادّ الممنوعة صحياً، أو خلُقياً.

الشرط الثاني: أن تكون نافعة:
فالهدف من الوظيفة أن ينفع الإنسان نفسه، ومجتمعه، وبلده، وإخوانه المسلمين، قال e (على كل مسلم صدقة) قالوا: فإن لم يجد؟ قال( يعمل بيده فيتصدق)
والنفع أبوابٌ كثيرة؛ منها الاجتماعي، والاقتصادي، والأخلاقي، ولا خير في وظيفة لا نفع فيها، فضلاً عن كونها ضارّة؛ فإن وقت الإنسان نفيس، فليس من الحكمة تضييعه في عملٍ لا فائدة فيه، قال الله سبحانه ]وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [ (الكهف:28) فالكافر أمره فرط لا هدف له في حياته، أما المؤمن فلا يضيع دقيقةً من وقته لا يستفيد منها، كما قيل :
والوقتُ أنفسُ ما عُنِيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
وإذا كان الأمر كذلك فكيف يرضى المسلم أن يعمل في وظيفةٍ لمدة ثماني ساعات خمسة أيام في الأسبوع = 6 أيام في الشهر = 72 يوماً في السنة = أي أن يستنفد من عمره شهرين ونصف سنوياً دون فائدة تعود للمجتمع !! فضلاً عن أن تكون ضارةً له وللبشرية.
والضرر هنا يشمل الضرر المعنوي والأخلاقي والحسِّي؛ فالضرر المعنوي هو الإضرار بعقيدة الإنسان وفكره، كإنتاج أفلامٍ أو إصدارات إلكترونية تشكك في العقيدة الإسلامية، أو تنشر الإلحاد أو النصرانية، أو طباعة الكتب التي تتناول ذلك.
والضرر الأخلاقي هو إفساد أخلاق المجتمع كشركات الإعلام الفاضحة، وإشاعة العري، ومواقع الانترنت الإباحية، ونحو ذلك.
والضرر الحسِّي هو الإضرار بالجسد والصحة، مثل تأسيس شركات التدخين أو الخمور والعمل فيها، أو زراعة المخدرات أو تصنيعها، أو صناعة المنتجات الضارة بالصحة كالأدوية المقلَّدة والمغشوشة، أو تسويق وإنتاج الموادّ الغذائية النباتية والحيوانية المطعّمة بالكيماويات الضارَّة أو المتغذِّية بها.
فإذا تضمنت الوظيفة ضرراً متيقَّناً على النفس، أو المجتمع، أو البلد، حرُمت؛ لأن الضرر منصوصٌ على تحريمه في الشرع، في قوله e ( لا ضرر ولا ضرار )  ،وقوله e ( من ضارّ ضارّ الله به)
وكيف يرضى المسلم أن يستفيد هو على حساب غيره ؟ وإذا كان كل واحدٍ منا لا يقبل الضرر على نفسه من الآخرين، فكذلك ينبغي أن ينظر إلى ما ينتج عن الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها، هل فيها إضرارٌ بالآخرين أم لا. فإن النبي e قال( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأته منيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يأتوه)
وقد يقال إن هذه الأعمال فيها فائدة لبعض الناس من ناحية تجارية أو ترفيهية، والجواب: أن العبرة بالغالب، فقد حرَّم الله تعالى الخمر مع أن فيها منافع للناس؛ قال سبحانه ]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [ (البقرة:219)
و نهى الله عن تشغيل النساء والفتيات في البغاء والدعارة مع أن فيها مصلحة تجارية؛ قال عز وجل ]وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [(النور:33)
وكلّ الشركات الربحية فيها منافع اقتصادية لأفراد أو فئات أو دول، ولكن إذا كانت المنافع الاقتصادية والتجارية تتعارض مع المبادئ والقيم فإنها تبطل، وهو ما يعرف شرعاً بالمصالح الملغاة، فالحفاظ على النفوس مصلحة مقصودة ولكنها تلغى في الجهاد في سبيل الله من أجل نشر الدين الذي هو أهم من النفوس، وبناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة ولكنها أُلغيَت في أول الإسلام لأنها تتعارض مع ما هو أهمّ منها وهو عدم فتنة الكفار وحديثي الإسلام عن الدين.

الشرط الثالث: ألا تستلزم خلوةً بين الرجل والمرأة:
حرصاً من الشريعة الإسلامية على الحفاظ على الأعراض والأنساب والعفاف شُرِع غضّ البصر، وعدم سفر المرأة وحدها دون محرم، وعدم تبرُّج المرأة أمام الرجال، وعدم الخلوة بين الرجل والمرأة، لقوله عليه السلام ( لا يخلونّ رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان )  وسبب هذا أن الخلوة وسيلةٌ للاتصال المحرم بينهما، والوسائل لها أحكام المقاصد والغايات.
وأماكن العمل من المظانّ التي يكثر فيها الاختلاط بين الجنسين كالمستشفيات، لذا فإن المسلم يحرص على التورُّع عن الخلوة المحرَّمة منعاً للفتنة، وسدّاً للذريعة، وحفاظاً على العفة والسُّمعة، ودرءاً لإساءة الظن.
ومن الأضرار التي يمكن حصولها بالاختلاط بين الجنسين في العمل:
التساهل في النظر بينهما وصعوبة غض البصر
التساهل في الحديث والتبسُّط والتبسُّم والضحك والممازحة وربما اللمس.
التساهل في الخلوة
التزيُّن من كلٍّ منهما للآخر
الاطلاع على العورات غير المقصود
انشغال الذهن عن العمل
فإذا كان ذلك في الاختلاط ففي الخلوة من باب أولى.
وفصل الرجال عن النساء في العمل والدراسة مطلبٌ لا تنفرد به الدول الإسلامية، بل تطالب به النسوة في الدول العلمانية أيضاً من باب الخصوصيَّة، والجديَّة في العمل، ومنع التحرُّشات والمضايقات:
ففي مجال التنقل للعمل: نشرت وكالات الأنباء التالي: قال "جوبرت فلوريس"، المتحدث باسم شبكة قطارات ريو دى جانيرو "مترو ريو" إن ريو دى جانيرو، وهى من أكبر مدن البرازيل خصصت عربات "للنساء فقط" بشبكة قطارات المدينة وفى شبكة القطارات الاقليمية لحماية الركاب الاناث من التحرش الجنسي.
وتشكو النساء بالمدينة بصورة متزايدة من تعرضهن للاحتكاك الجسدى بالرجال فى العربات المكتظة.
والخبر الثاني من نيودلهي – وكالات الأنباء الألمانية: بدأت شركة الخطوط الشمالية للسكك الحديدية بالهند فى تخصيص عدد من عربات القطارات للنساء فقط.
وقامت الشركة بطلاء العربات المخصصة للنساء باللون الاحمر وكتبت عليها من الخارج كلمة "سيدات " باللغة الهندية اضافة الى وضع صورة لسيدة على مدخل كل عربة.
واوضح بى كيه جويل المدير الاقليمى للشركة ان هذا الاجراء اتخذ لتجنيب السيدات اللاتى يسافرن بمفردهن التعرض لاى مضايقات أو ملاحظات غير لائقة.
والخبر الثالث: قال متحدث باسم شركة كيو إلكتريك اليابانية:‏ إن شركته تلقت في العام ‏1999 مئات الشكاوي من السيدات تتركز حول تعرضهن لتحرشات‏، فضلا عن مئات أخري يخشى أصحابها من الإبلاغ عنها‏، مما جعلها تعلن عن عزمها تخصيص عربات منفصلة‏ للسيدات (فقط) في الأوقات المتأخرة من الليل بخطوطها التي تخدم المناطق الغربية من العاصمة‏ خلال فترة إجازات بداية العام الجديد‏.‏
ويذكر أن التحرشات الجنسية بمترو الأنفاق والقطارات تعد أخطر مشكلة تواجه السيدات في اليابان‏، لدرجة أنه تقرر تخصيص شرطة نسائية في المحطات الكبرى لتلقي الشكاوي فيها واعتقال مرتكبيها!
وقد يقال: إن هذه الأخبار لا تدل على المضايقات في العمل، ولكن الواقع أن هذه المشكلات وقعت بسبب خروج المرأة لعملها يومياً بالقطار.
أما في التعليم: فقد أوضح مسئول كبير في البيت الأبيض أن الإدارة تشجع العودة إلى عدم الاختلاط بين البنين والبنات في المدارس العامة في إطار إصلاح التربية, كما أوضح أن المدارس التي تود الفصل بين البنين والبنات ستمنح تمويلاًُ يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
وقال أحد رجال القانون المتخصصين في النظام التربوي بالولايات المتحدة: أن العديد من الدراسات التي أجريت بمساهمة طلاب وطالبات أظهرت أنه في بعض مراحل نموهم,ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين.
وفي تجربة قادتها مسؤولة أمريكية عن فصل البنات عن البنين في المدارس الثانوية جاء على لسانها أنه بعد عامين من التجربة أثبت التطبيق الواسع لهذا النظام أن الطالبة في الفصول المتماثلة أكثر قدرة على التفكير وأسرع استجابة لتقبل المعلومة و أكثر تركيزاً واستيعاباً للمادة بدلاً من الانشغال الذهني بزميلها المجاور.

وأحبّ أن أشير هنا إلى أن منع الاختلاط والخلوة لا يعني أن لا تعمل المرأة عملاً تكتسب به ، فالنساء كنّ يبعن ويشترين على عهد النبيe دون إنكار منه.
ويعجب المرء من بعض الأنظمة الدولية التي تقول: إن الفصل المهني بين الجنسين ليس ضاراً بالمرأة فحسب، بل هو أيضاً مصدر رئيسي لفقدان الكفاءة الاقتصادية.
ويتساءل المرء: كيف تحققت الكفاءة الاقتصادية إذاً في المجتمعات الإسلامية الأولى ؟ بل كيف تحققت في المملكة العربية السعودية مع وجود الفصل بين الجنسين ؟ وكيف غابت الكفاءة الاقتصادية مع عدم وجود الفصل بين الجنسين في كثيرٍ من الدول ؟! ومنها الدول الأكثر فقراً في العالَم.

الشرط الرابع: الوفاء بالعقد:
لقوله سبحانه ] يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود[ (المائدة:1)، وقوله عز وجل] وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا[ (???????:34) وقولهe  ( المؤمنون عند شروطهم ) ، ما لم يتضمن العقد محرماً، فإنه لا يجوز حينئذ الالتزام به، لقولهe (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط) .
ومن الوفاء بالعقد توفية الأجير أجره تاماً حسب الاتفاق، لقوله عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجلٌ أعطى بي ثم غدر ، ورجلٌ باع حراً فأكل ثمنه ، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطِه أجره ) 
فلا يجوز تأخير إعطاء العامل أجره الذي كان ينتظره طويلاً، بل الواجب إعطاءه الأجر بمجرد انتهائه من عمله، أو في الوقت المتفق عليه بينه وبين رب العمل، قال سبحانه يحكي قول ابنة الرجل الصالح ] إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [ ( القصص : 25 ) ، وقال تعالى عن موسى والخضر]  فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [ (الكهف : 77) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه )  ، وقال e ( مطل الغنيّ ظلم )  ، وقال ( ليُّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته )  والليّ هو المطل – أي التأخير -،
وقد اشتهرت كثيرٌ من الحالات التي أخَّر فيها أرباب الأعمال أجور عمالهم، فأدى ذلك إلى كثرة الجريمة من قبل العمالة الوافدة، والعمل غير النظامي في غير أوقات العمل لتغطية النفقات الشخصية للعامل، والاعتداء على بعض أصحاب الأعمال، والشكاوى في مكاتب العمل تغصّ بذلك، وهو ظلم لا يرضاه الله تعالى ولا المؤمنون، ويجب معاقبة كل من يظلم عباد الله، ويفتح باب الجريمة والفساد في المجتمع بطريقةٍ غير مباشرة، ويخالف نظام العمل الموضوع من قبل الدولة.
وبعكس ذلك في الجانب الإيجابي توجد فئةٌ من أصحاب الأعمال يحسنون إلى العامل فيعطونه أجره قبل انتهاء المدة، أو ينمُّونه له، أو يعطونه أجراً إضافياً إذا رأوا نشاطه، وذلك من الإحسان إلى عباد الله، قال سبحانه ]وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ (البقرة:195 ) ولنتأمل أمانة ذلك الرجل الذي استأجر أجيراً ثم ذهب الأجير دون أخذ أجرته، فماذا فعل رب المال ؟ نماه له حتى جاء وطلبه ! وذلك في حادثة النفر الثلاثة – المشهورة – الذين آواهم المبيت إلى غار، ثم تدحرجت صخرة فسدَّت عليهم الغار ، فتوسلوا إلى الله بأفضل أعمالهم.
قال e ( قال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله ، أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجلك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبدالله، لا تستهزئ بي. فقلت : إني لا أستهزئ بك. فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً . اللهم فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون ) 


الشرط الأول: أن تكون مباحة:
لأن الكسب المباح هو الذي يبارك للإنسان فيه، قال e ( من يأخذ مالاً بحقِّه يبارَك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع )
ولأن المباح هو الطيب الذي أباحه الله لنا بقوله سبحانه ] يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [ (المائدة:4 ) وجاءت شريعة النبي e داعيةً إلى الاكتساب منه ] يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [ (الأعراف:157) فكل حلال طيِّب، قال سبحانه ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً [ (البقرة:168 ) والعمل في الحرام عملٌ في الخبائث، وقد حرَّم الله تعالى الخبائث بقوله سبحانه ] وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ ( الأعراف : الآية 157 )
ولأن المباح لا يلحق العامل فيه الإثم، بل بالعكس من ذلك يناله الأجر إن نوى فيه النية الصالحة كما تقدم في أول الكتاب.
وعكس الطيب الخبيث، وعكس المباح الحرام، فيشترط في الوظيفة أن تخلو من الحرام والخبيث، فلا يجوز العمل بالربا مثلاً؛ لأنه محرم بقوله سبحانه ] يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا [ (البقرة:276) ولا يجوز اكتساب المال بالغشّ كالتطفيف في الكيل، قال سبحانه ] وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [ ( المطففين: 1 - 3)
وكان عبدالله بن أُبيّ بن سلول –زعيم المنافقين- يستغل جاريتين يعملان عنده في اكتساب المال بالزنا قبل الإسلام، فلما أسلمتا تأثَّمتا من ذلك، فأجبرهما، فأنزل الله تعالى فيه وفيهما ] وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (النور: 33 ) أي غفورٌ رحيم لهنّ لا له.
ولقوله e ( إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به )
وعن أنس t: ( أن رسول الله e لعن في الخمرة عشرة: عاصرها، والمعصورة له، وشاربها، وساقيها، والمسقى له، وحاملها، والمحمولة له، والمشتري، والمشترى له، وآكل ثمنها.)
وعن جابر بن عبد الله t: ( لعن رسول الله e آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال" هم سواء". )  ، وعن أبي جحيفة t : ( نهى رسول الله e عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغيّ.)  ، وما تقدم نماذج من الكسب الخبيث، يقاس عليها غيرها من المحرمات.
ولأن العمل وسيلة للكسب والمعيشة، والمعيشة وسيلة لعبادة الله تعالى، والغاية لا تبرر الوسيلة، فإذا كانت الغاية من الخلق هي العبادة، فيجب أن تكون وسيلتها مباحة، لا أن يكتسب الإنسان من الحرام ثم يتصدق به، ويبني به المساجد! قال النبي e ( إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [ (المؤمنون:51 ) وقال ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [ (البقرة:172 ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟!)
ويمكن أن تكون الوظيفة مشتملةً على الحلال والحرام، من خلال رأس مالها، أو بعض أنشطتها، وفي هذه الحالة تكون مشتبهة، والعمل فيها مكروه، لقوله e ( إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه )
والتحريم يتناول جهة النشاط، أو جهة مصدر الدخل، أو جهة مخالفة الأنظمة ...
ومثال ذلك في النشاط التجاري: أن يكون العمل قائماً على نشر المعاملات الربوية، أو صناعة الخمر، أو الأصنام، أو تصوير مفاتن النساء أمام الرجال الأجانب ونحو ذلك، فهذه الأعمال محرمةٌ شرعاً، وما ينبني عليها من أجورٍ محرمٌ أيضاً؛ لأن الله تعالى إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، ولأن ما يبنى على الباطل فهو باطل. قال e ( لعن الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم، فجملوها ( أذابوها ) فباعوها ) 
ومثال ذلك في مصدر الدخل: أن يكون كل رأس مال العمل ربوياً، أو نتيجة تقديم خدمات محرَّمة، أو تأجير مباني للأنشطة المحرمة شرعاً.
ومثال ذلك في مخالفة الأنظمة: أن يكون العمل المطلوب من الموظف يتضمن دفع رشوة، أو إنتاج أو بيع مواد مخالفة للنظام، كالمنتجات المغشوشة، أو الموادّ الممنوعة صحياً، أو خلُقياً.

الشرط الثاني: أن تكون نافعة:
فالهدف من الوظيفة أن ينفع الإنسان نفسه، ومجتمعه، وبلده، وإخوانه المسلمين، قال e (على كل مسلم صدقة) قالوا: فإن لم يجد؟ قال( يعمل بيده فيتصدق)
والنفع أبوابٌ كثيرة؛ منها الاجتماعي، والاقتصادي، والأخلاقي، ولا خير في وظيفة لا نفع فيها، فضلاً عن كونها ضارّة؛ فإن وقت الإنسان نفيس، فليس من الحكمة تضييعه في عملٍ لا فائدة فيه، قال الله سبحانه ]وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [ (الكهف:28) فالكافر أمره فرط لا هدف له في حياته، أما المؤمن فلا يضيع دقيقةً من وقته لا يستفيد منها، كما قيل :
والوقتُ أنفسُ ما عُنِيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
وإذا كان الأمر كذلك فكيف يرضى المسلم أن يعمل في وظيفةٍ لمدة ثماني ساعات خمسة أيام في الأسبوع = 6 أيام في الشهر = 72 يوماً في السنة = أي أن يستنفد من عمره شهرين ونصف سنوياً دون فائدة تعود للمجتمع !! فضلاً عن أن تكون ضارةً له وللبشرية.
والضرر هنا يشمل الضرر المعنوي والأخلاقي والحسِّي؛ فالضرر المعنوي هو الإضرار بعقيدة الإنسان وفكره، كإنتاج أفلامٍ أو إصدارات إلكترونية تشكك في العقيدة الإسلامية، أو تنشر الإلحاد أو النصرانية، أو طباعة الكتب التي تتناول ذلك.
والضرر الأخلاقي هو إفساد أخلاق المجتمع كشركات الإعلام الفاضحة، وإشاعة العري، ومواقع الانترنت الإباحية، ونحو ذلك.
والضرر الحسِّي هو الإضرار بالجسد والصحة، مثل تأسيس شركات التدخين أو الخمور والعمل فيها، أو زراعة المخدرات أو تصنيعها، أو صناعة المنتجات الضارة بالصحة كالأدوية المقلَّدة والمغشوشة، أو تسويق وإنتاج الموادّ الغذائية النباتية والحيوانية المطعّمة بالكيماويات الضارَّة أو المتغذِّية بها.
فإذا تضمنت الوظيفة ضرراً متيقَّناً على النفس، أو المجتمع، أو البلد، حرُمت؛ لأن الضرر منصوصٌ على تحريمه في الشرع، في قوله e ( لا ضرر ولا ضرار )  ،وقوله e ( من ضارّ ضارّ الله به)
وكيف يرضى المسلم أن يستفيد هو على حساب غيره ؟ وإذا كان كل واحدٍ منا لا يقبل الضرر على نفسه من الآخرين، فكذلك ينبغي أن ينظر إلى ما ينتج عن الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها، هل فيها إضرارٌ بالآخرين أم لا. فإن النبي e قال( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأته منيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يأتوه)
وقد يقال إن هذه الأعمال فيها فائدة لبعض الناس من ناحية تجارية أو ترفيهية، والجواب: أن العبرة بالغالب، فقد حرَّم الله تعالى الخمر مع أن فيها منافع للناس؛ قال سبحانه ]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [ (البقرة:219)
و نهى الله عن تشغيل النساء والفتيات في البغاء والدعارة مع أن فيها مصلحة تجارية؛ قال عز وجل ]وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [(النور:33)
وكلّ الشركات الربحية فيها منافع اقتصادية لأفراد أو فئات أو دول، ولكن إذا كانت المنافع الاقتصادية والتجارية تتعارض مع المبادئ والقيم فإنها تبطل، وهو ما يعرف شرعاً بالمصالح الملغاة، فالحفاظ على النفوس مصلحة مقصودة ولكنها تلغى في الجهاد في سبيل الله من أجل نشر الدين الذي هو أهم من النفوس، وبناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة ولكنها أُلغيَت في أول الإسلام لأنها تتعارض مع ما هو أهمّ منها وهو عدم فتنة الكفار وحديثي الإسلام عن الدين.

الشرط الثالث: ألا تستلزم خلوةً بين الرجل والمرأة:
حرصاً من الشريعة الإسلامية على الحفاظ على الأعراض والأنساب والعفاف شُرِع غضّ البصر، وعدم سفر المرأة وحدها دون محرم، وعدم تبرُّج المرأة أمام الرجال، وعدم الخلوة بين الرجل والمرأة، لقوله عليه السلام ( لا يخلونّ رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان )  وسبب هذا أن الخلوة وسيلةٌ للاتصال المحرم بينهما، والوسائل لها أحكام المقاصد والغايات.
وأماكن العمل من المظانّ التي يكثر فيها الاختلاط بين الجنسين كالمستشفيات، لذا فإن المسلم يحرص على التورُّع عن الخلوة المحرَّمة منعاً للفتنة، وسدّاً للذريعة، وحفاظاً على العفة والسُّمعة، ودرءاً لإساءة الظن.
ومن الأضرار التي يمكن حصولها بالاختلاط بين الجنسين في العمل:
التساهل في النظر بينهما وصعوبة غض البصر
التساهل في الحديث والتبسُّط والتبسُّم والضحك والممازحة وربما اللمس.
التساهل في الخلوة
التزيُّن من كلٍّ منهما للآخر
الاطلاع على العورات غير المقصود
انشغال الذهن عن العمل
فإذا كان ذلك في الاختلاط ففي الخلوة من باب أولى.
وفصل الرجال عن النساء في العمل والدراسة مطلبٌ لا تنفرد به الدول الإسلامية، بل تطالب به النسوة في الدول العلمانية أيضاً من باب الخصوصيَّة، والجديَّة في العمل، ومنع التحرُّشات والمضايقات:
ففي مجال التنقل للعمل: نشرت وكالات الأنباء التالي: قال "جوبرت فلوريس"، المتحدث باسم شبكة قطارات ريو دى جانيرو "مترو ريو" إن ريو دى جانيرو، وهى من أكبر مدن البرازيل خصصت عربات "للنساء فقط" بشبكة قطارات المدينة وفى شبكة القطارات الاقليمية لحماية الركاب الاناث من التحرش الجنسي.
وتشكو النساء بالمدينة بصورة متزايدة من تعرضهن للاحتكاك الجسدى بالرجال فى العربات المكتظة.
والخبر الثاني من نيودلهي – وكالات الأنباء الألمانية: بدأت شركة الخطوط الشمالية للسكك الحديدية بالهند فى تخصيص عدد من عربات القطارات للنساء فقط.
وقامت الشركة بطلاء العربات المخصصة للنساء باللون الاحمر وكتبت عليها من الخارج كلمة "سيدات " باللغة الهندية اضافة الى وضع صورة لسيدة على مدخل كل عربة.
واوضح بى كيه جويل المدير الاقليمى للشركة ان هذا الاجراء اتخذ لتجنيب السيدات اللاتى يسافرن بمفردهن التعرض لاى مضايقات أو ملاحظات غير لائقة.
والخبر الثالث: قال متحدث باسم شركة كيو إلكتريك اليابانية:‏ إن شركته تلقت في العام ‏1999 مئات الشكاوي من السيدات تتركز حول تعرضهن لتحرشات‏، فضلا عن مئات أخري يخشى أصحابها من الإبلاغ عنها‏، مما جعلها تعلن عن عزمها تخصيص عربات منفصلة‏ للسيدات (فقط) في الأوقات المتأخرة من الليل بخطوطها التي تخدم المناطق الغربية من العاصمة‏ خلال فترة إجازات بداية العام الجديد‏.‏
ويذكر أن التحرشات الجنسية بمترو الأنفاق والقطارات تعد أخطر مشكلة تواجه السيدات في اليابان‏، لدرجة أنه تقرر تخصيص شرطة نسائية في المحطات الكبرى لتلقي الشكاوي فيها واعتقال مرتكبيها!
وقد يقال: إن هذه الأخبار لا تدل على المضايقات في العمل، ولكن الواقع أن هذه المشكلات وقعت بسبب خروج المرأة لعملها يومياً بالقطار.
أما في التعليم: فقد أوضح مسئول كبير في البيت الأبيض أن الإدارة تشجع العودة إلى عدم الاختلاط بين البنين والبنات في المدارس العامة في إطار إصلاح التربية, كما أوضح أن المدارس التي تود الفصل بين البنين والبنات ستمنح تمويلاًُ يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
وقال أحد رجال القانون المتخصصين في النظام التربوي بالولايات المتحدة: أن العديد من الدراسات التي أجريت بمساهمة طلاب وطالبات أظهرت أنه في بعض مراحل نموهم,ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين.
وفي تجربة قادتها مسؤولة أمريكية عن فصل البنات عن البنين في المدارس الثانوية جاء على لسانها أنه بعد عامين من التجربة أثبت التطبيق الواسع لهذا النظام أن الطالبة في الفصول المتماثلة أكثر قدرة على التفكير وأسرع استجابة لتقبل المعلومة و أكثر تركيزاً واستيعاباً للمادة بدلاً من الانشغال الذهني بزميلها المجاور.

وأحبّ أن أشير هنا إلى أن منع الاختلاط والخلوة لا يعني أن لا تعمل المرأة عملاً تكتسب به ، فالنساء كنّ يبعن ويشترين على عهد النبيe دون إنكار منه.
ويعجب المرء من بعض الأنظمة الدولية التي تقول: إن الفصل المهني بين الجنسين ليس ضاراً بالمرأة فحسب، بل هو أيضاً مصدر رئيسي لفقدان الكفاءة الاقتصادية.
ويتساءل المرء: كيف تحققت الكفاءة الاقتصادية إذاً في المجتمعات الإسلامية الأولى ؟ بل كيف تحققت في المملكة العربية السعودية مع وجود الفصل بين الجنسين ؟ وكيف غابت الكفاءة الاقتصادية مع عدم وجود الفصل بين الجنسين في كثيرٍ من الدول ؟! ومنها الدول الأكثر فقراً في العالَم.

الشرط الرابع: الوفاء بالعقد:
لقوله سبحانه ] يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود[ (المائدة:1)، وقوله عز وجل] وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا[ (???????:34) وقولهe  ( المؤمنون عند شروطهم ) ، ما لم يتضمن العقد محرماً، فإنه لا يجوز حينئذ الالتزام به، لقولهe (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط) .
ومن الوفاء بالعقد توفية الأجير أجره تاماً حسب الاتفاق، لقوله عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجلٌ أعطى بي ثم غدر ، ورجلٌ باع حراً فأكل ثمنه ، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطِه أجره ) 
فلا يجوز تأخير إعطاء العامل أجره الذي كان ينتظره طويلاً، بل الواجب إعطاءه الأجر بمجرد انتهائه من عمله، أو في الوقت المتفق عليه بينه وبين رب العمل، قال سبحانه يحكي قول ابنة الرجل الصالح ] إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [ ( القصص : 25 ) ، وقال تعالى عن موسى والخضر]  فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [ (الكهف : 77) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه )  ، وقال e ( مطل الغنيّ ظلم )  ، وقال ( ليُّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته )  والليّ هو المطل – أي التأخير -،
وقد اشتهرت كثيرٌ من الحالات التي أخَّر فيها أرباب الأعمال أجور عمالهم، فأدى ذلك إلى كثرة الجريمة من قبل العمالة الوافدة، والعمل غير النظامي في غير أوقات العمل لتغطية النفقات الشخصية للعامل، والاعتداء على بعض أصحاب الأعمال، والشكاوى في مكاتب العمل تغصّ بذلك، وهو ظلم لا يرضاه الله تعالى ولا المؤمنون، ويجب معاقبة كل من يظلم عباد الله، ويفتح باب الجريمة والفساد في المجتمع بطريقةٍ غير مباشرة، ويخالف نظام العمل الموضوع من قبل الدولة.
وبعكس ذلك في الجانب الإيجابي توجد فئةٌ من أصحاب الأعمال يحسنون إلى العامل فيعطونه أجره قبل انتهاء المدة، أو ينمُّونه له، أو يعطونه أجراً إضافياً إذا رأوا نشاطه، وذلك من الإحسان إلى عباد الله، قال سبحانه ]وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ (البقرة:195 ) ولنتأمل أمانة ذلك الرجل الذي استأجر أجيراً ثم ذهب الأجير دون أخذ أجرته، فماذا فعل رب المال ؟ نماه له حتى جاء وطلبه ! وذلك في حادثة النفر الثلاثة – المشهورة – الذين آواهم المبيت إلى غار، ثم تدحرجت صخرة فسدَّت عليهم الغار ، فتوسلوا إلى الله بأفضل أعمالهم.
قال e ( قال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله ، أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجلك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبدالله، لا تستهزئ بي. فقلت : إني لا أستهزئ بك. فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً . اللهم فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون ) 
احةول: أن

شروط المهنة في الإسلام:

شروط المهنة فيالشرط الأول: أن تكون مباحة:
لأن الكسب المباح هو الذي يبارك للإنسان فيه، قال e ( من يأخذ مالاً بحقِّه يبارَك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع )
ولأن المباح هو الطيب الذي أباحه الله لنا بقوله سبحانه ] يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [ (المائدة:4 ) وجاءت شريعة النبي e داعيةً إلى الاكتساب منه ] يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [ (الأعراف:157) فكل حلال طيِّب، قال سبحانه ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً [ (البقرة:168 ) والعمل في الحرام عملٌ في الخبائث، وقد حرَّم الله تعالى الخبائث بقوله سبحانه ] وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ ( الأعراف : الآية 157 )
ولأن المباح لا يلحق العامل فيه الإثم، بل بالعكس من ذلك يناله الأجر إن نوى فيه النية الصالحة كما تقدم في أول الكتاب.
وعكس الطيب الخبيث، وعكس المباح الحرام، فيشترط في الوظيفة أن تخلو من الحرام والخبيث، فلا يجوز العمل بالربا مثلاً؛ لأنه محرم بقوله سبحانه ] يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا [ (البقرة:276) ولا يجوز اكتساب المال بالغشّ كالتطفيف في الكيل، قال سبحانه ] وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [ ( المطففين: 1 - 3)
وكان عبدالله بن أُبيّ بن سلول –زعيم المنافقين- يستغل جاريتين يعملان عنده في اكتساب المال بالزنا قبل الإسلام، فلما أسلمتا تأثَّمتا من ذلك، فأجبرهما، فأنزل الله تعالى فيه وفيهما ] وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (النور: 33 ) أي غفورٌ رحيم لهنّ لا له.
ولقوله e ( إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به )
وعن أنس t: ( أن رسول الله e لعن في الخمرة عشرة: عاصرها، والمعصورة له، وشاربها، وساقيها، والمسقى له، وحاملها، والمحمولة له، والمشتري، والمشترى له، وآكل ثمنها.)
وعن جابر بن عبد الله t: ( لعن رسول الله e آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال" هم سواء". )  ، وعن أبي جحيفة t : ( نهى رسول الله e عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغيّ.)  ، وما تقدم نماذج من الكسب الخبيث، يقاس عليها غيرها من المحرمات.
ولأن العمل وسيلة للكسب والمعيشة، والمعيشة وسيلة لعبادة الله تعالى، والغاية لا تبرر الوسيلة، فإذا كانت الغاية من الخلق هي العبادة، فيجب أن تكون وسيلتها مباحة، لا أن يكتسب الإنسان من الحرام ثم يتصدق به، ويبني به المساجد! قال النبي e ( إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [ (المؤمنون:51 ) وقال ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [ (البقرة:172 ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟!)
ويمكن أن تكون الوظيفة مشتملةً على الحلال والحرام، من خلال رأس مالها، أو بعض أنشطتها، وفي هذه الحالة تكون مشتبهة، والعمل فيها مكروه، لقوله e ( إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه )
والتحريم يتناول جهة النشاط، أو جهة مصدر الدخل، أو جهة مخالفة الأنظمة ...
ومثال ذلك في النشاط التجاري: أن يكون العمل قائماً على نشر المعاملات الربوية، أو صناعة الخمر، أو الأصنام، أو تصوير مفاتن النساء أمام الرجال الأجانب ونحو ذلك، فهذه الأعمال محرمةٌ شرعاً، وما ينبني عليها من أجورٍ محرمٌ أيضاً؛ لأن الله تعالى إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، ولأن ما يبنى على الباطل فهو باطل. قال e ( لعن الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم، فجملوها ( أذابوها ) فباعوها ) 
ومثال ذلك في مصدر الدخل: أن يكون كل رأس مال العمل ربوياً، أو نتيجة تقديم خدمات محرَّمة، أو تأجير مباني للأنشطة المحرمة شرعاً.
ومثال ذلك في مخالفة الأنظمة: أن يكون العمل المطلوب من الموظف يتضمن دفع رشوة، أو إنتاج أو بيع مواد مخالفة للنظام، كالمنتجات المغشوشة، أو الموادّ الممنوعة صحياً، أو خلُقياً.

الشرط الثاني: أن تكون نافعة:
فالهدف من الوظيفة أن ينفع الإنسان نفسه، ومجتمعه، وبلده، وإخوانه المسلمين، قال e (على كل مسلم صدقة) قالوا: فإن لم يجد؟ قال( يعمل بيده فيتصدق)
والنفع أبوابٌ كثيرة؛ منها الاجتماعي، والاقتصادي، والأخلاقي، ولا خير في وظيفة لا نفع فيها، فضلاً عن كونها ضارّة؛ فإن وقت الإنسان نفيس، فليس من الحكمة تضييعه في عملٍ لا فائدة فيه، قال الله سبحانه ]وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [ (الكهف:28) فالكافر أمره فرط لا هدف له في حياته، أما المؤمن فلا يضيع دقيقةً من وقته لا يستفيد منها، كما قيل :
والوقتُ أنفسُ ما عُنِيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
وإذا كان الأمر كذلك فكيف يرضى المسلم أن يعمل في وظيفةٍ لمدة ثماني ساعات خمسة أيام في الأسبوع = 6 أيام في الشهر = 72 يوماً في السنة = أي أن يستنفد من عمره شهرين ونصف سنوياً دون فائدة تعود للمجتمع !! فضلاً عن أن تكون ضارةً له وللبشرية.
والضرر هنا يشمل الضرر المعنوي والأخلاقي والحسِّي؛ فالضرر المعنوي هو الإضرار بعقيدة الإنسان وفكره، كإنتاج أفلامٍ أو إصدارات إلكترونية تشكك في العقيدة الإسلامية، أو تنشر الإلحاد أو النصرانية، أو طباعة الكتب التي تتناول ذلك.
والضرر الأخلاقي هو إفساد أخلاق المجتمع كشركات الإعلام الفاضحة، وإشاعة العري، ومواقع الانترنت الإباحية، ونحو ذلك.
والضرر الحسِّي هو الإضرار بالجسد والصحة، مثل تأسيس شركات التدخين أو الخمور والعمل فيها، أو زراعة المخدرات أو تصنيعها، أو صناعة المنتجات الضارة بالصحة كالأدوية المقلَّدة والمغشوشة، أو تسويق وإنتاج الموادّ الغذائية النباتية والحيوانية المطعّمة بالكيماويات الضارَّة أو المتغذِّية بها.
فإذا تضمنت الوظيفة ضرراً متيقَّناً على النفس، أو المجتمع، أو البلد، حرُمت؛ لأن الضرر منصوصٌ على تحريمه في الشرع، في قوله e ( لا ضرر ولا ضرار )  ،وقوله e ( من ضارّ ضارّ الله به)
وكيف يرضى المسلم أن يستفيد هو على حساب غيره ؟ وإذا كان كل واحدٍ منا لا يقبل الضرر على نفسه من الآخرين، فكذلك ينبغي أن ينظر إلى ما ينتج عن الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها، هل فيها إضرارٌ بالآخرين أم لا. فإن النبي e قال( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأته منيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يأتوه)
وقد يقال إن هذه الأعمال فيها فائدة لبعض الناس من ناحية تجارية أو ترفيهية، والجواب: أن العبرة بالغالب، فقد حرَّم الله تعالى الخمر مع أن فيها منافع للناس؛ قال سبحانه ]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [ (البقرة:219)
و نهى الله عن تشغيل النساء والفتيات في البغاء والدعارة مع أن فيها مصلحة تجارية؛ قال عز وجل ]وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [(النور:33)
وكلّ الشركات الربحية فيها منافع اقتصادية لأفراد أو فئات أو دول، ولكن إذا كانت المنافع الاقتصادية والتجارية تتعارض مع المبادئ والقيم فإنها تبطل، وهو ما يعرف شرعاً بالمصالح الملغاة، فالحفاظ على النفوس مصلحة مقصودة ولكنها تلغى في الجهاد في سبيل الله من أجل نشر الدين الذي هو أهم من النفوس، وبناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة ولكنها أُلغيَت في أول الإسلام لأنها تتعارض مع ما هو أهمّ منها وهو عدم فتنة الكفار وحديثي الإسلام عن الدين.

الشرط الثالث: ألا تستلزم خلوةً بين الرجل والمرأة:
حرصاً من الشريعة الإسلامية على الحفاظ على الأعراض والأنساب والعفاف شُرِع غضّ البصر، وعدم سفر المرأة وحدها دون محرم، وعدم تبرُّج المرأة أمام الرجال، وعدم الخلوة بين الرجل والمرأة، لقوله عليه السلام ( لا يخلونّ رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان )  وسبب هذا أن الخلوة وسيلةٌ للاتصال المحرم بينهما، والوسائل لها أحكام المقاصد والغايات.
وأماكن العمل من المظانّ التي يكثر فيها الاختلاط بين الجنسين كالمستشفيات، لذا فإن المسلم يحرص على التورُّع عن الخلوة المحرَّمة منعاً للفتنة، وسدّاً للذريعة، وحفاظاً على العفة والسُّمعة، ودرءاً لإساءة الظن.
ومن الأضرار التي يمكن حصولها بالاختلاط بين الجنسين في العمل:
التساهل في النظر بينهما وصعوبة غض البصر
التساهل في الحديث والتبسُّط والتبسُّم والضحك والممازحة وربما اللمس.
التساهل في الخلوة
التزيُّن من كلٍّ منهما للآخر
الاطلاع على العورات غير المقصود
انشغال الذهن عن العمل
فإذا كان ذلك في الاختلاط ففي الخلوة من باب أولى.
وفصل الرجال عن النساء في العمل والدراسة مطلبٌ لا تنفرد به الدول الإسلامية، بل تطالب به النسوة في الدول العلمانية أيضاً من باب الخصوصيَّة، والجديَّة في العمل، ومنع التحرُّشات والمضايقات:
ففي مجال التنقل للعمل: نشرت وكالات الأنباء التالي: قال "جوبرت فلوريس"، المتحدث باسم شبكة قطارات ريو دى جانيرو "مترو ريو" إن ريو دى جانيرو، وهى من أكبر مدن البرازيل خصصت عربات "للنساء فقط" بشبكة قطارات المدينة وفى شبكة القطارات الاقليمية لحماية الركاب الاناث من التحرش الجنسي.
وتشكو النساء بالمدينة بصورة متزايدة من تعرضهن للاحتكاك الجسدى بالرجال فى العربات المكتظة.
والخبر الثاني من نيودلهي – وكالات الأنباء الألمانية: بدأت شركة الخطوط الشمالية للسكك الحديدية بالهند فى تخصيص عدد من عربات القطارات للنساء فقط.
وقامت الشركة بطلاء العربات المخصصة للنساء باللون الاحمر وكتبت عليها من الخارج كلمة "سيدات " باللغة الهندية اضافة الى وضع صورة لسيدة على مدخل كل عربة.
واوضح بى كيه جويل المدير الاقليمى للشركة ان هذا الاجراء اتخذ لتجنيب السيدات اللاتى يسافرن بمفردهن التعرض لاى مضايقات أو ملاحظات غير لائقة.
والخبر الثالث: قال متحدث باسم شركة كيو إلكتريك اليابانية:‏ إن شركته تلقت في العام ‏1999 مئات الشكاوي من السيدات تتركز حول تعرضهن لتحرشات‏، فضلا عن مئات أخري يخشى أصحابها من الإبلاغ عنها‏، مما جعلها تعلن عن عزمها تخصيص عربات منفصلة‏ للسيدات (فقط) في الأوقات المتأخرة من الليل بخطوطها التي تخدم المناطق الغربية من العاصمة‏ خلال فترة إجازات بداية العام الجديد‏.‏
ويذكر أن التحرشات الجنسية بمترو الأنفاق والقطارات تعد أخطر مشكلة تواجه السيدات في اليابان‏، لدرجة أنه تقرر تخصيص شرطة نسائية في المحطات الكبرى لتلقي الشكاوي فيها واعتقال مرتكبيها!
وقد يقال: إن هذه الأخبار لا تدل على المضايقات في العمل، ولكن الواقع أن هذه المشكلات وقعت بسبب خروج المرأة لعملها يومياً بالقطار.
أما في التعليم: فقد أوضح مسئول كبير في البيت الأبيض أن الإدارة تشجع العودة إلى عدم الاختلاط بين البنين والبنات في المدارس العامة في إطار إصلاح التربية, كما أوضح أن المدارس التي تود الفصل بين البنين والبنات ستمنح تمويلاًُ يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
وقال أحد رجال القانون المتخصصين في النظام التربوي بالولايات المتحدة: أن العديد من الدراسات التي أجريت بمساهمة طلاب وطالبات أظهرت أنه في بعض مراحل نموهم,ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين.
وفي تجربة قادتها مسؤولة أمريكية عن فصل البنات عن البنين في المدارس الثانوية جاء على لسانها أنه بعد عامين من التجربة أثبت التطبيق الواسع لهذا النظام أن الطالبة في الفصول المتماثلة أكثر قدرة على التفكير وأسرع استجابة لتقبل المعلومة و أكثر تركيزاً واستيعاباً للمادة بدلاً من الانشغال الذهني بزميلها المجاور.

وأحبّ أن أشير هنا إلى أن منع الاختلاط والخلوة لا يعني أن لا تعمل المرأة عملاً تكتسب به ، فالنساء كنّ يبعن ويشترين على عهد النبيe دون إنكار منه.
ويعجب المرء من بعض الأنظمة الدولية التي تقول: إن الفصل المهني بين الجنسين ليس ضاراً بالمرأة فحسب، بل هو أيضاً مصدر رئيسي لفقدان الكفاءة الاقتصادية.
ويتساءل المرء: كيف تحققت الكفاءة الاقتصادية إذاً في المجتمعات الإسلامية الأولى ؟ بل كيف تحققت في المملكة العربية السعودية مع وجود الفصل بين الجنسين ؟ وكيف غابت الكفاءة الاقتصادية مع عدم وجود الفصل بين الجنسين في كثيرٍ من الدول ؟! ومنها الدول الأكثر فقراً في العالَم.

الشرط الرابع: الوفاء بالعقد:
لقوله سبحانه ] يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود[ (المائدة:1)، وقوله عز وجل] وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا[ (???????:34) وقولهe  ( المؤمنون عند شروطهم ) ، ما لم يتضمن العقد محرماً، فإنه لا يجوز حينئذ الالتزام به، لقولهe (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط) .
ومن الوفاء بالعقد توفية الأجير أجره تاماً حسب الاتفاق، لقوله عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجلٌ أعطى بي ثم غدر ، ورجلٌ باع حراً فأكل ثمنه ، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطِه أجره ) 
فلا يجوز تأخير إعطاء العامل أجره الذي كان ينتظره طويلاً، بل الواجب إعطاءه الأجر بمجرد انتهائه من عمله، أو في الوقت المتفق عليه بينه وبين رب العمل، قال سبحانه يحكي قول ابنة الرجل الصالح ] إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [ ( القصص : 25 ) ، وقال تعالى عن موسى والخضر]  فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [ (الكهف : 77) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه )  ، وقال e ( مطل الغنيّ ظلم )  ، وقال ( ليُّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته )  والليّ هو المطل – أي التأخير -،
وقد اشتهرت كثيرٌ من الحالات التي أخَّر فيها أرباب الأعمال أجور عمالهم، فأدى ذلك إلى كثرة الجريمة من قبل العمالة الوافدة، والعمل غير النظامي في غير أوقات العمل لتغطية النفقات الشخصية للعامل، والاعتداء على بعض أصحاب الأعمال، والشكاوى في مكاتب العمل تغصّ بذلك، وهو ظلم لا يرضاه الله تعالى ولا المؤمنون، ويجب معاقبة كل من يظلم عباد الله، ويفتح باب الجريمة والفساد في المجتمع بطريقةٍ غير مباشرة، ويخالف نظام العمل الموضوع من قبل الدولة.
وبعكس ذلك في الجانب الإيجابي توجد فئةٌ من أصحاب الأعمال يحسنون إلى العامل فيعطونه أجره قبل انتهاء المدة، أو ينمُّونه له، أو يعطونه أجراً إضافياً إذا رأوا نشاطه، وذلك من الإحسان إلى عباد الله، قال سبحانه ]وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ (البقرة:195 ) ولنتأمل أمانة ذلك الرجل الذي استأجر أجيراً ثم ذهب الأجير دون أخذ أجرته، فماذا فعل رب المال ؟ نماه له حتى جاء وطلبه ! وذلك في حادثة النفر الثلاثة – المشهورة – الذين آواهم المبيت إلى غار، ثم تدحرجت صخرة فسدَّت عليهم الغار ، فتوسلوا إلى الله بأفضل أعمالهم.
قال e ( قال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله ، أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجلك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبدالله، لا تستهزئ بي. فقلت : إني لا أستهزئ بك. فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً . اللهم فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون ) 
 الإسلام: